responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق نویسنده : القرافي، أبو العباس    جلد : 1  صفحه : 86
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: {إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ} [المائدة: 116] فَجَعَلَ الشَّرْطَ وَجَزَاءَهُ مَاضِيَيْنِ.
وَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَدْ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: إنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا وَأَنَّ سُؤَالَ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ قَبْلَ أَنْ يَدَّعِيَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ إنْ أَكُنْ أَقُلْهُ فَأَنْتَ تَعْلَمُهُ فَهُمَا مُسْتَقْبَلَانِ لَا مَاضِيَانِ وَقِيلَ: سُؤَالُ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَشْهُورُ فَيَكُونَانِ مُسْتَقْبَلَيْنِ لَا مَاضِيَيْنِ قَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ: يَجِبُ تَأْوِيلُهُمَا بِفِعْلَيْنِ مُسْتَقْبَلَيْنِ تَقْدِيرُهُمَا أَنْ يَثْبُتَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَنِّي قُلْتُهُ فِي الْمَاضِي يَثْبُتُ أَنَّك تَعْلَمُ ذَلِكَ وَكُلُّ شَيْءٍ تَقَرَّرَ فِي الْمَاضِي كَانَ ثُبُوتُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مَعْلُومًا فَيَحْسُنُ التَّعْلِيقُ عَلَيْهِ وَيُؤَكِّدُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ أَنَّ السُّؤَالَ كَانَ فِي الدُّنْيَا مِنْ الْآيَةِ نَفْسِهَا قَوْله تَعَالَى {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} [المائدة: 116] فَصِيغَةُ إذْ لِلْمَاضِي وَقَالَ لِلْمَاضِي فَإِذَا أَخْبَرَ اللَّهُ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ الْمَاضِيَيْنِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى تَقَدُّمِ هَذَا الْقَوْلِ فِي زَمَنِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الدُّنْيَا وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَتَأَوَّلُ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ بِالْمُسْتَقْبَلِ وَيَقُولُ: لَمَّا كَانَ خَبَرُ اللَّهِ تَعَالَى وَاقِعًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ قَطْعًا صَارَ مِنْ جِهَةِ تَحَقُّقِهِ يُشْبِهُ الْمَاضِيَ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظِ الْمَاضِي كَمَا قَالَهُ تَعَالَى {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} [النحل: 1] يُرِيدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَتَقْدِيرُهُ يَأْتِي أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى فَائِدَةٌ جَمِيلَةٌ جَلِيلَةٌ إذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الشَّرْطَ وَجَزَاءَهُ لَا يَتَعَلَّقَانِ إلَّا بِمُسْتَقْبَلٍ مَعْدُومٍ فَاعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ عَشْرُ حَقَائِقَ: الشَّرْطُ وَجَزَاؤُهُ وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ.
وَالدُّعَاءُ وَالْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ وَالتَّرَجِّي وَالتَّمَنِّي وَالْإِبَاحَةُ فَتَأَمَّلْ هَذِهِ الْعَشَرَةَ لَا تَجِدْ مِنْهَا وَاحِدًا يُتَصَوَّرُ فِي مَاضٍ وَلَا حَاضِرٍ سُؤَالٌ كَانَ يُورِدُهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ فِي «قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قِيلَ لَهُ: كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك فَقَالَ: قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ» فَكَانَ يَقُولُ: قَاعِدَةُ الْعَرَبِ تَقْتَضِي أَنَّ الْمُشَبَّهَ بِالشَّيْءِ يَكُونُ أَخْفَضَ رُتْبَةً مِنْهُ وَأَعْظَمُ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ وَهَا هُنَا شَبَّهْنَا عَطِيَّةَ رَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَطِيَّةِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَإِنَّ صَلَاةَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَالَ: (الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى قَالَ: اللَّهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - {إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ} [المائدة: 116] إلَى قَوْلِهِ وَتَقْدِيرُهُ يَأْتِي أَمْرُ اللَّهِ) قُلْتُ: إذَا تَقَرَّرَ أَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَاضِي فَلَا يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى تَأْوِيلٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: (فَائِدَةٌ جَمِيلَةٌ إلَى آخِرِهَا) قُلْتُ: مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ وَالدُّعَاءَ وَالْوَعْدَ وَالْوَعِيدَ وَالتَّرَجِّيَ وَالتَّمَنِّيَ وَالْإِبَاحَةَ لَا تَتَعَلَّقُ إلَّا بِمُسْتَقْبَلٍ إلَّا مَا قَالَهُ فِي أَنَّ الصَّحِيحَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: (سُؤَالٌ كَانَ يُورِدُهُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ فِي «قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا قِيلَ لَهُ: كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك فَقَالَ: قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ» إلَى آخِرِ السُّؤَالِ) قُلْتُ: هَذَا السُّؤَالُ مَبْنِيٌّ عَلَى مُشَابَهَةِ الْفِعْلِ الْمَطْلُوبِ لِلْفِعْلِ الْمُشَبَّهِ بِهِ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِلَازِمٍ فَإِنَّ الْقَائِلَ إذَا قَالَ: أَعْطِ زَيْدًا كَمَا أَعْطَيْت عَمْرًا يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِالتَّشْبِيهِ أَصْلَ الْعَطَاءِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِشَيْءٍ مِنْ صِفَاتِهِ مِنْ الْقَدْرِ وَغَيْرِهِ وَعَلَى هَذَا لَا يَرِدُ السُّؤَالُ لَكِنَّ رُبَّمَا يَسْأَلُ عَنْ اخْتِصَاصِ إبْرَاهِيمَ فَالْجَوَابُ أَنَّ مُوجِبَ اخْتِصَاصِهِ بِذَلِكَ اخْتِصَاصُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ بِالنُّبُوَّةِ وَالْمُوَافَقَةِ فِي مَعَالِمِ الْمِلَّةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَمْ لَا وَفِي الطَّلَاقِ شَرْطٌ مُقَيَّدٌ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِذَا وَقَعَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فَقَدْ شَاءَ اللَّهُ وَبِوُقُوعِهِ لَزِمَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ أَعْنِي رُجُوعَ الْمَشِيئَةِ لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الرَّبْطُ وَالتَّعْلِيقُ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ لِخَاتِمَةِ الْمُحَقِّقِينَ الْعَلَّامَةِ ابْنِ الْمُبَارَكِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَدْ قَالَ مَا تَوْضِيحُهُ أَنَّهُ قَدْ عَلِمَ فِي عِلْمِ الْمِيزَانِ أَنَّ الْإِيجَابَ وَالسَّلْبَ وَالصِّدْقَ وَالْكَذِبَ وَالتَّقْيِيدَ وَالْإِطْلَاقَ إذَا وَقَعَتْ فِي الْقَضِيَّةِ الشَّرْطِيَّةِ انْصَرَفَتْ إلَى الرَّبْطِ وَاللُّزُومِ الَّذِي فِيهَا وَلَا تَنْصَرِفُ إلَى أَطْرَافِهَا وَقَوْلُنَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ قَضِيَّةٌ شَرْطِيَّةٌ.
وَقَوْلُنَا فِي تِلْكَ الْقَضِيَّةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ قَيْدٌ مِنْ الْقُيُودِ الَّتِي يَجِبُ رَدُّهَا إلَى الرَّبْطِ وَلَا يَصِحُّ رَدُّهُ إلَى الدُّخُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ طَرَفُ قَضِيَّةٍ شَرْطِيَّةٍ وَالطَّرَفُ لَا يَرْجِعُ إلَيْهِ تَقْيِيدٌ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ الْأُمُورِ السَّابِقَةِ فَقَوْلُهُمْ أَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ أَيْ مِنْ حَيْثُ التَّعْلِيقُ فَهُوَ رَاجِعٌ إلَى التَّعْلِيقِ فِي الْحَقِيقَةِ وَالتَّعْلِيقُ الَّذِي بَيْنَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ لَا يَقْبَلُ الْوُجُودَ فِي الْخَارِجِ وَلَا الْعَدَمَ فِيهِ وَمَا لَا يَقْبَلُهُمَا كَالنَّسَبِ وَالِاعْتِبَارَاتِ وَمِنْ الرَّبْطِ الَّذِي بَيْنَ الشَّرْطِ وَالْجَوَابِ فَمَشِيئَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ لَا تُعْلَمُ وَلَا يُمْكِنُ اطِّلَاعُنَا عَلَيْهَا إذْ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا إنَّمَا هُوَ بِوُجُودِ مُتَعَلِّقِهَا فِي الْخَارِجِ وَمُتَعَلِّقُهَا هُنَا لَا يَقْبَلُ الْوُجُودَ فِي الْخَارِجِ وَلَا الْعَدَمَ فِيهِ أَصْلًا فَبِعَدَمِ قَبُولِهِ لِلْوُجُودِ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى أَرَادَ وُجُودَهُ وَبِعَدَمِ قَبُولِهِ لِلْعَدَمِ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى أَرَادَ عَدَمَهُ وَإِذَا وَقَعَ الْفِعْلُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ كَالدُّخُولِ وَقَدْ قَيَّدَ جَعْلَهُ سَبَبًا فِي الطَّلَاقِ بِمَشِيئَةِ مَنْ لَا تُعْلَمُ مَشِيئَتُهُ وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا إذَا قَيَّدَ ذَلِكَ بِمَشِيئَةِ الْجِنِّ أَوْ الْمَلَكِ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَشِيئَةِ بِلَفْظِ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ وَقَعَ الْخَلَلُ فِي الْعِصْمَةِ بِحُصُولِ الشَّكِّ فِيهَا وَأَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الشَّكُّ فِي الْعِصْمَةِ اُعْتُبِرَ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ لَهُ وَأَصْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّ الشَّكَّ الْمَذْكُورَ يُلْغَى وَتُسْتَصْحَبُ الْعِصْمَةُ فَابْنُ الْقَاسِمِ يَلْزَمُ الطَّلَاقُ إذَا وَقَعَ الدُّخُولُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَلْزَمُهُ بِنَاءً مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى أَصْلِهِ فَهَذَا تَوْجِيهُ الْمَذْهَبَيْنِ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي مَشِيئَةِ الْجِنِّ وَالْمَلَكِ وَأَمَّا إذَا وَقَعَ الْفِعْلُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ كَالدُّخُولِ وَقَدْ قَيَّدَ

نام کتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق نویسنده : القرافي، أبو العباس    جلد : 1  صفحه : 86
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست