responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق نویسنده : القرافي، أبو العباس    جلد : 1  صفحه : 82
أَسْبَابٌ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهَا الْوُجُودُ وَمِنْ عَدَمِهَا الْعَدَمُ فَإِنَّ قَوْلَهُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ يَلْزَمُ مِنْ دُخُولِهَا الدَّارَ الطَّلَاقُ وَمِنْ عَدَمِ دُخُولِهَا عَدَمُ الطَّلَاقِ وَهَذَا هُوَ حَقِيقَةُ السَّبَبِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ بِخِلَافِ الشُّرُوطِ الْعَقْلِيَّةِ كَالْحَيَاةِ مَعَ الْعِلْمِ.
وَالشَّرْعِيَّةِ كَالطَّهَارَةِ مَعَ الصَّلَاةِ وَالْعَادِيَّةِ كَنَصْبِ السُّلَّمِ مَعَ صُعُودِ السَّطْحِ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهَا شَيْءٌ وَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهَا الْعَدَمُ فَالْحَيُّ قَدْ يَعْلَمُ وَقَدْ لَا يَعْلَمُ وَالْمُتَطَهِّرُ قَدْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَقَدْ لَا تَصِحُّ وَإِذَا نَصَبَ السُّلَّمَ فَقَدْ يَصْعَدُ لِلسَّطْحِ وَقَدْ لَا يَصْعَدُ نَعَمْ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ هَذِهِ الشُّرُوطِ عَدَمُ هَذِهِ الْمَشْرُوطَاتِ.
وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الشُّرُوطَ اللُّغَوِيَّةَ أَسْبَابٌ فَنَقُولُ: الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ تَقَدُّمَ الْمُسَبَّبِ عَلَى سَبَبِهِ لَا يُعْتَبَرُ كَالصَّلَاةِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَإِذَا تَقَرَّرَتْ الْقَاعِدَتَانِ فَنَقُولُ: إذَا قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ مَعْنَاهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنِّي جَعَلْت كَلَامَ زَيْدٍ سَبَبَ طَلَاقِك وَشَرْطَهُ اللُّغَوِيِّ غَيْرَ أَنِّي قَدْ جَعَلْت سَبَبَ اعْتِبَارِهِ وَالشَّرْطُ فِيهِ دُخُولُ الدَّارِ فَإِنْ وَقَعَ الْكَلَامُ أَوَّلًا فَلَا تَطْلُقُ بِهِ لِأَنَّهُ وَقَعَ قَبْلَ سَبَبِ اعْتِبَارِهِ فَيَلْغَى كَالصَّلَاةِ قَبْلَ الزَّوَالِ فَلَا بُدَّ مِنْ إيقَاعِهِ بَعْدَ دُخُولِ الدَّارِ حَتَّى يَقَعَ بَعْدَ سَبَبِهِ فَيُعْتَبَرُ كَالصَّلَاةِ بَعْدَ الزَّوَالِ هَذَا مُدْرَكُهُمْ وَهُوَ مُدْرَكٌ حَسَنٌ وَأَصْحَابِنَا وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ يُلَاحَظُ أَنَّا أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ الْمَعْطُوفَ بِالْوَاوِ يَسْتَوِي الْحَالُ فِيهِ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ وَكَذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِهِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَعْطِفُ الْكَلَامَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ مِنْ غَيْرِ حَرْفِ عَطْفٍ وَيَكُونُ فِي مَعْنَى حَرْفِ الْعَطْفِ كَقَوْلِنَا جَاءَ زَيْدٌ جَاءَ عَمْرٌو وَسَيَأْتِي فِي الِاسْتِشْهَادِ مَا يُعَضِّدُ ذَلِكَ.
فَهَذَا سِرُّ فِقْهِ الْفَرِيقَيْنِ وَأَمَّا مَا يَشْهَدُ لَهُمْ مِنْ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ فَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ هُودٍ {وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [هود: 34] فَإِرَادَةُ اللَّهِ تَعَالَى مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْبَشَرِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ فَالْمُتَقَدِّمُ لَفْظًا مُتَأَخِّرٌ وُقُوعًا وَلَا يُمْكِنُ خِلَافُ ذَلِكَ فَهَذِهِ الْآيَةُ تَشْهَدُ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقَوْله تَعَالَى {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا} [الأحزاب: 50] فَالظَّاهِرُ أَنَّ إرَادَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ هِبَتِهَا فَإِنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى الْقَبُولِ فِي الْعُقُودِ وَهِبَتُهَا لِنَفْسِهَا إيجَابٌ كَمَا تَقُولُ: مِنْ وَهَبَك شَيْئًا لِلْمُكَافَأَةِ لَزِمَك أَنْ تُكَافِئَهُ عَلَيْهِ إنْ أَرَدْت قَبُولَ تِلْكَ الْهِبَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ إرَادَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَقَدِّمَةً وَإِذَا فَهِمَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْصِدُ ذَلِكَ مِنْهَا وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَهُ فَهَذِهِ الْآيَةُ مُحْتَمِلَةٌ لِلْمَذْهَبَيْنِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَأَمَّا الشِّعْرُ فَقَوْلُ ابْنِ دُرَيْدٍ:
فَإِنْ عَثَرَتْ بَعْدَهَا إنْ وَالَتْ ... نَفْسِي مِنْ هَاتَا فَقُولَا لَا لَعَا
ـــــــــــــــــــــــــــــSأَسْبَابٌ إلَى آخِرِ قَوْلِهِ وَعَلَى رَأْيِ الْمَالِكِيَّةِ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ الْجَمِيعِ كَيْفَمَا وَقَعَتْ يَقَعُ) قُلْتُ: مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ هُوَ الصَّحِيحُ وَمَا احْتَجَّ بِهِ لِلشَّافِعِيَّةِ لَا حُجَّةَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ دَلَالَةِ الْآيَةِ وَالْبَيْتَيْنِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} [هود: 34] وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
فَإِنْ عَثَرَتْ بَعْدَهَا إنْ وَالَتْ ... نَفْسِي مِنْ هَاتَا فَقُولَا لَا لَعَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِخُصُوصِهِ سَبَبًا فِي حَلِّ الْعِصْمَةِ وَجَعَلَهُ بِخُصُوصِهِ سَبَبًا فِي حَلِّهَا أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ لَا وُجُودَ لَهُ فِي الْخَارِجِ حَتَّى تُعْلَمَ فِيهِ مَشِيئَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ صَحَّ جَعْلُ ذَلِكَ الْقَوْلِ مِثَالًا لِمَا لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ مُطْلَقَ لَفْظِ الطَّلَاقِ الَّذِي مِنْهُ هَذَا اللَّفْظُ الْمُعَيَّنُ مُقَيَّدٌ بِالشَّرْطِ الَّذِي هُوَ مَشِيئَةُ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى يُقَالَ: إنْ قَصَدَ إنْ كَانَ شَاءَ اللَّهُ ذَلِكَ يَعْنِي فِي الْمَاضِي فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِمُحَقَّقٍ إذْ بِنُطْقِهِ بِالطَّلَاقِ عُلِمَ أَنَّهُ شَاءَ لِوَضْعِهِ شَرْعًا ضَمِنَ الْمُطَلِّقُ لِحَلِّ الْعِصْمَةِ وَإِنْ قَصَدَ إنْ شَاءَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَهُوَ لَاغٍ إلَخْ. الْأَمْرُ الثَّالِثُ وَسَنَنْقُلُهُ بَعْدُ عَنْ كَنُونِ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ هُنَا بَيْنَ إنْ شَاءَ وَإِلَّا أَنْ يَشَاءَ فَكَمَا أَنَّ مَعْنَى إنْ شَاءَ اللَّهُ مَا ذَكَرَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ مَعْنَاهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ عَدَمَ جَعْلِ هَذَا اللَّفْظِ بِخُصُوصِهِ سَبَبًا فِي حَلِّ الْعِصْمَةِ وَعَدَمُ الْجَعْلِ الْمَذْكُورِ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ لَا وُجُودَ لَهُ فِي الْخَارِجِ حَتَّى تُعْلَمَ فِيهِ مَشِيئَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَكَمَا جَرَى فِي الْأَوَّلِ خِلَافُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ كَذَلِكَ يَجْرِي فِي الثَّانِي فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِلشَّكِّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ لِإِلْغَاءِ الشَّكِّ بِدَلِيلِ أَنَّ صَاحِبَ الْمَشِيئَةِ لَوْ كَانَ مِمَّنْ تُعْلَمُ مَشِيئَتُهُ كَمَا فِي إنْ شَاءَ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ لَسُئِلَ هَلْ شَاءَ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا اللَّفْظَ بِخُصُوصِهِ سَبَبًا لِحَلِّ الْعِصْمَةِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ أَوْ لَا فَلَا يَقَعُ فَكُلُّ مِنْ إنْ شَاءَ وَإِلَّا أَنْ يَشَاءَ هُنَا لِلتَّقْيِيدِ وَالِاحْتِرَازِ عَنْ صُورَةِ مَفْهُومِ الصِّيغَةِ لَا لِكَوْنِهِ رَافِعًا لِحُكْمِ الصِّيغَةِ كَمَا فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَكَمَا فِي أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ لِقَاعِدَتَيْنِ.
(الْقَاعِدَةُ الْأُولَى) كُلُّ مَنْ لَهُ عُرْفٌ يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى عُرْفِهِ كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ» يُحْمَلُ عَلَى الصَّلَاةِ فِي عُرْفِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - دُونَ الدُّعَاءِ وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ حَلَفَ وَاسْتَثْنَى عَادَ كَمَنْ لَمْ يَحْلِفْ» يُحْمَلُ عَلَى الْحَلِفِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ جَعَلَهُمَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ أَيْمَانِ الْفُسَّاقِ فَلَا يُحْمَلُ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدَّمُ عَلَيْهِمَا.
(الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ) كَمَا شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَحْكَامَ شَرَعَ مُبْطَلَاتِهَا وَرَوَافِعَهَا فَشَرْعُ

نام کتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق نویسنده : القرافي، أبو العباس    جلد : 1  صفحه : 82
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست