وأخرج ابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله» ([1]):
«عن العباس بن عبد العظيم العنبري: قال: كنت عند أحمد بن حنبل، وجاءه علي بن المديني راكباً على دابة؛ قال: فتناظرا في الشهادة، وارتفعت أصواتهما، حتى خفت أن يقع بينهما جفاء، وكان أحمد يرى الشهادة، وعليُّ يأبى ويدفعُ؛ فلمّا أراد عليُّ الانصراف: قام أحمد، فأخذ بركابِهِ». اهـ.
قال شيخ الإسلام:
«وقد كان العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إذا تنازعوا في الأمر اتبعوا أمر الله تعالى في قوله:
{فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللهِ وَالرَّسُولِ ...} الآية.
وكانوا يتناظرون في المسألة مناظرة مشاورةٍ ومناصحةٍ، وربما اختلف قولهم في المسألة العلمية والعملية مع بقاء الألفة والعصمة وإخوة الدين.
نعم: من خالف الكتاب المستبين، والسنَّة المستفيضة، وما أجمع عليه سلف الأمة خلافاً لا يعذر فيه: فهذا يعامل بما يعامل به أهل البدع». اهـ [2].
وقد نعى شيخ الإسلام - رحمه الله - على أولئك الذين يتعصبون لما يرونه من السنن الاجتهادية ويعادون مَنْ خالفهم فيها، فقال: [1] 2/ 107، ط المنيرية. [2] مجموع الفتاوى 24/ 172.