نام کتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية نویسنده : ابن عاشور جلد : 1 صفحه : 470
لإظهار عجز المشركين عن الإتيان بمثل بعض القرآن. فيكون اسم الإشارة مشاراً به إليها باعتبار كون حروفها مقصودة للتعجيز، لأن حروفها من جنس حروف الكتاب. وعلى هذا الوجه تكون (الم) غير معربة ولا مبنية، واسم الإشارة ذلك مبتدأ، والكتاب خبراً.
وإما أن تكون الإشارة إلى القرآن المعروف لديهم يومئذٍ، وهو ما نزل منه فعلاً منضماً إليه ما يلحق به. فيكون قوله: ذلك، مبتدأ، وخبره: الكتاب.
وإما أن تكون الإشارة هنا إلى جميع القرآن، ما نزل منه وما لم ينزل، لأن نزوله مترقّب. فهو حاضر في الأذهان فأشبه الحاضر في العيان. ويكون التعريف للكتاب تعريفاً للعهد التقديري، وقوله: (الكتاب) حينئذٍ بدلاً أو بياناً من ذلك، والخبر هو (لا ريب فيه).
ومن هذا الإعراب التصويري للجملة ينتقل إلى اسم الإشارة "ذلك". فيذكر مقالة ابن عباس: (ذلك الكتاب) أي هذا الكتاب. وهو ما قاله مجاهد وعكرمة وغيرهما، وما رواه البخاري عن أبي عبيدة. ويكون ما ورد هنا من استعمال اسم الإشارة جرياً على طريقة العرب في إتيانها بالإشارة إلى البعيد مكان الإشارة إلى القريب الحاضر.
ولتفصيل القول في ذلك ينقل الإمام الأكبر عن الرضي قوله: وُضِع اسم الإشارة للحضور والقرب لأنه للمشار إليه حساً، ويصحّ أن يشار به إلى الغائب فيصير الإتيان بلفظ البعد وارداً لأن المحكي عنه غائب، ويقلّ أن يذكر بلفظ الحاضر القريب. وكذا يجوز لك في الكلام المسموع عن قريب أن تشير إليه بلفظ الغيبة والبعد كما تقول: والله، وذلك قَسَم عظيم، لأن اللفظ زال سماعه فصار كالغائب،
نام کتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية نویسنده : ابن عاشور جلد : 1 صفحه : 470