نام کتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية نویسنده : ابن عاشور جلد : 1 صفحه : 395
المسألة الثانية: إن النهي عن دخول مساكن الذين ظلموا ليس على إطلاقه. والحالة التي يجوز فيها الدخول هي حالة الاتعاظ والاعتبار والبكاء، والشعور بالضراعة والخشوع، كما يدل على هذا قوله جل وعلا: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [1]. فإن كانت هذه هي الحالة المطلوبة عند دخول الحجر أو نحوه من مساكن المعذَّبين الذين ظَلَموا، فهي تقتضي عدم جواز الدخول لمن كان هازئاً أو آسفاً على أهل تلك المساكن. وهذا من عادات الجاهلية، يشهد له قول ابن سوادة:
وماذا بالقليب قليب بدر ... من الشيزى تَزيَّنُ بالسَّنام
وماذا بالقليب قليب بدر ... من القينات والشرب الكرام (2)
المسألة الثالثة: أن يكون معنى قوله في الحديث: أن يصيبكم؛ تعليقاً للنهي عن دخول الديار ويكون "إلا أن تكونوا باكين" استثناء لحالة الترخيص في الدخول.
وخصَّ المؤلف الفقرة الثانية من تعليقه بذكر رواية معن للحديث، والإشارة إلى ما تميّزت به في نظمها من تقديم وتأخير يظهر بينها وبين بقية الروايات. والأصل أن مجرد الدخول لتلك الديار لا يصاب فاعلوه بما أصاب أهليها من العذاب، لأنّهم لم يرتكبوا ما ارتكبه الظالمون من الجرم.
ورواية معن أَبينُ وأخفُّ من رواية سالم عن ابن عمر. والحديث ينظر إلى قول الله تعالى: {فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا} [3] وهذا من غضب الله عليهم إذ قدر أن تكون [1] الإسراء: 109.
(2) لسان العرب: مادة ش ي ز. [3] القصص: 58.
نام کتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية نویسنده : ابن عاشور جلد : 1 صفحه : 395