نام کتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية نویسنده : ابن عاشور جلد : 1 صفحه : 118
بتصرّفاته في قوله: "إنه ذو همة عالية استصغر بها ما أقامه الله فيه، فحمّل هذه الإيالة، على ضعف حالها وضيق مجالها، ما لا طاقة لها به من التقدم في ترف الحضارة، والاستكثار من الجند، والإفراط في تكثير قادتهم، وغالبُهم أسماء بلا مسميات، مع التفنن في الكرم الحاتمي، فجاد وما لديه قليل:
وأتعبُ خلق الله مَن زاد همه ... وقصَّر عما تشتهي النفس وُجدَه
إلى غير ذلك من مقتضيات علو النفس والإمرة المطلقة، حتى تجاوز الحدود، وهو نقصان من المحدود، والتقدم للغاية تأخر عنها، والزيادة على الكفاية نقصان منها" [1].
وإذا زاد على ذلك فاستطالته أيدي العلماء وقع كما قال بعض الحكماء: الاختلال في بيوت الأموال، وجاء النقص يتبعه الاضمحلال [2]. وذلك ما دعا دون شك إلى الإسراف في الاقتراض، ومضاعفة المديونية من الدول الأجنبية، مما هدّد استقلال البلاد، وسمح للدائنين بالتدخّل في شؤون الدولة والعباد.
وتفاقم العجز المالي في شعبان سنة 1269 عن صرف الرسوم المالية لعدم وجود المال الناضّ بها. وأسباب ذلك كثيرة: منها أن الباي مطلق التصرّف بمشيئته، وفي طبعه شغف بكثرة عدد العسكر النظامي لسياسة انفرد بها، ظناً منه أن الدولة العليّة سوف تغصبه على الأخذ بالتنظيمات ولو بحرب، وثمرة الجهاد تكثير سواد المسلمين، وثمرة التنظيمات إصلاح ما فسد من أمرهم المؤدّي إلى ضعفهم واضمحلالهم [3]. [1] ابن أبي الضياف. الإتحاف: (2) 4/ 201. [2] المرجع نفسه: (2) 1/ 62. [3] المرجع نفسه: (2) 4/ 160.
نام کتاب : مقاصد الشريعة الإسلامية نویسنده : ابن عاشور جلد : 1 صفحه : 118