: " وأيم الله لقد تركتكم على مثل البيضاء، ليلها ونهارها سواء"[1]، فما من سبيل إلى معرفة أمور هذا الدين إلا عن طريق الكتاب والسنة. ولقد كان لجانب توحيد الله الحظ الأوفر، والنصيب الأعظم، من ذلك البيان والإيضاح الذي جاءت به آيات القرآن ونصوص السنة المتواترة، ولقد عرف السلف من الصحابة والتابعين ومن سار على نهجهم ذلك المنهج الذي يعرف به توحيد الله حق المعرفة، فطبقوه أتم التطبيق، فلذلك كان الكتاب والسنة هما المنبع الوحيد الذي يستمدون منه ما يجب عليهم تجاه خالقهم عز وجل.
ولقد صنف كثير من السلف وبخاصة في القرنين الثالث والرابع الهجريين مؤلفات ورسائل كثيرة في مسائل أسماء الله وصفاته، فبينوا فيها ما يجب على المسلم تجاه هذا الأمر العظيم، وقد اعتمدوا في تصانيفهم تلك على نصوص القرآن والسنة، وقد كان من ضمن تلك المؤلفات كتاب "العرش" للحافظ محمد بن عثمان بن أبي شيبة، وقد عالج المصنف- رحمه الله- في هذا الكتاب مسألة تعد من أهم مسائل الأسماء والصفات، بل ومن أهم مسائل العقيدة وأخطرها، ألا وهي: مسألة علو الله عز وجل على خلقه، واستوائه على عرشه.
ولقد وقع اختياري على "كتاب العرش " هذا لكي يكون هو موضوع رسالتي في مرحلة الماجستير، ولعل من أهم الأسباب والدوافع التي جعلتني أقدم على تحقيق الكتاب ما يلي:
1سنن ابن ماجه: (4/ 4، حديث 5) .