وقد شهد بعبقرية هؤلاء العلماء "دوذي"، شهد بهذا التقدم العلمي للعرب، فله كتاب يسمى (تاريخ المسلمين في أسبانيا)، ذكر فيه أن الأوروبيين في العصور الوسطى كانوا يقعون تحت سيطرة البابوات، وكانوا تائهين في ظلام الجهالة، لا يرون النور إلا من سم الخياط، وكان النور لا يسطع إلا من جانب المسلمين، من علوم وآداب وفلسفة وصناعات، وكانت بغداد والبصرة والقاهرة ودمشق، وفارس، وقرطبة -كل هذه بلدان إسلامية كان المسلمون حكامها وتقع تحت إمرتهم- تمثل المراكز العظيمة للعلوم والمعارف، في وقت كانت فيه العواصم الأوروبية أشبه بالقرى الخالية من كل ما يشد الناس إليها، ويربطهم بها. فالعرب كان لهم السبق في مجال البحث العلمي لا شك في هذا، وأنهم أصلوا المناهج التجريبية التطبيقية.
أدوات البحث العلمي عند العرب
إذا ثبت لدينا أن العرب كان لهم باع في مجال البحث العلمي، ونحن نعلم أن البحث العلمي لابد له من أدوات بحثية، الآن البحث العلمي صار علما وله مناهج، فهل كان العرب ينطلقون في بحثهم هذا من خلال معرفة بمجموعة من الأدوات، أم ماذا كانوا يصنعون؟
ثبت لدينا حقيقة أنه كانت لهم تجارب بحثية رائعة، أفاد منها الغرب قبل العرب، فهل كان العرب يمتلكون أدوات البحث العلمي التي تؤهلهم لأن يكونوا أساتذة وروادًا في هذا المجال؟ من الأسباب التي مكنت العلماء العرب من الوصول إلى هذا المستوى في مجال البحث العلمي: دقة الأداة، وصحة المنهج، فقد استخدموا عدة أدوات تتفق مع بيئتهم وثقافتهم، يمكن إجمالها فيما يلي: