هذه مثلًا وجوه التأثير المختلفة التي أثر بها جوتة في الأدب الإنجليزي والأدب الفرنسي في مختلف الفترات، حتى ليشبه "جوته" بمنار ذي وجوه مختلفة، يدور بطيئًا مع الزمن، ويرى الناسُ نوره في كل فترة وجهة واحدة جديدة فيتأثرون بها، ويمثل جوتة النزعة الرومانتيكية في مناصرة القلب على العقل، وقد تراءت هذه النزعة في أدبنا الحديث، فضلًا عن تأثيره في النواحي الفنية في المواقف المسرحية التي تراءت في بعض مسرحيات الأستاذ توفيق الحكيم.
دور الأدب في تسجيل مشاعر الأمة وآرائها
هذا؛ ومن المعلوم أن الأدب سجل مشاعر الأمة وآرائها، ومن هذه الآراء ما يتعلق بصلات هذه الأمة بغيرها، وبالصور التي تكونها لنفسها عما سواها من الأمم بناء على هذه الصلات، ويهتم الباحث المقارن بإبراز هذه الصور كاملة، كما تنعكس في مرآة الأدب القومي لأمة من الأمم.
مثال لذلك صورة مصر كما يراها "جيرال دونرلفال"، أو كما يصورها "فيكتور هيجو" من الكتاب الفرنسيين، ومثال صورة مصر في الأدب الإنجليزي، ويبدأ الباحث ببيان الطريقة التي تكونت بها أفكار أمة ما في أدبها عن الشعب الذي يقصد إلى وصف صورته بذلك الأدب، وللمهاجرين والرحالة فضل كبير في تكوين هذه الأفكار فهم الذين ينقلون إلى أممهم، ويصفون في أدبهم صور ما شاهدوا في البلاد الأخرى، وهم الذين يؤولون هذه المشاهد ويشرحونها بما يتفق وميولهم، وبما يتفق مع غايتهم، وكما تمليه عليهم أحوالهم النفسية والاجتماعية التي سافروا أو هاجروا فيها.