بعض النماذج الإنسانية المستمدة من الأدب العربي
والآن إلى بعض النماذج الإنسانية المستمدة من الأدب العربي:
ونقف أولًا عند جُحا الذي أنكر الدكتور هلال -كما رأينا منذ قليل- صلاحيته لأن يكون نموذجًا إنسانيًّا في الأدب، وفي الواقع أن جُحا يعد نموذجًا لا على الحمق أو الغباوة، بل على التحامق، أو قل: إنّه ذَكاء الباحث عن جوهر الحقيقة، مع التظاهر بالغباء والحماقة.
ذلك أنه -كما يقول الدكتور محمد رجب النجار في كتابه (جحا العربي): لم يكن مخبولًا أو ناقص العقل، كما يتوهم؛ بل كان يتناول الأمور من أقرب الزوايا إلى الحق والواقع، مهما بدت معقدة، أو تظاهرنا نحن بتعقيدها، فيبدو عمله مناقضًا لصنيع الآخرين الذين لا يتصورون الحق قريبًا، كما كان صريحًا في التعبير عن نفسه، لا يَشْغَلُ باله أنّ الإطار الاجتماعي والسياسي كثيرًا ما يَفرض على الناسِ أن يسكتوا أو يرمزوا؛ فهو يستسلم دائمًا لرغباته في لحظتها.
وهذه الفلسفة الخاصة به وبأمثاله، تجعله بريئًا من الخوف أو الكبت وتبرزه، وهو ما جعلت شخصيته أقرب ما تكون إلى من يسقط عنه التكليف الاجتماعي.
وقد ألممنا بما قاله الدكتور هلال عن جُحا من هذه الناحية، وأرى أنه حكم شديد التسرع والانكسار؛ فإنّ للنّموذج الجحوي في كثير من الآداب العالمية مكانًا ومكانة، فكيف يزعم الدكتور هلال هذا الزعم غير القائم على أساس؟! لقد تَناولت النُّسخة العربية موسوعة "الويكيبديا" في مقال لها بعنوان: "جُحا" هذا الموضوع.