responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البلاغة 1 - البيان والبديع نویسنده : جامعة المدينة العالمية    جلد : 1  صفحه : 421
وهو علم في الضرب الثاني من ضروب تأكيد المدح بما يشبه الذم، غير أنه دون ما سبقه شهرةً وذيوعًا، يقول:
فتًى كملت أخلاقه غير أنه ... جواد فما يبقي من المال باقيا
إن الشاعر هنا أثبت لممدوحه كمال الأخلاق، وهذا وصف يتنافَى معه إثبات أي صورة من صور النقص، فلما جاء الاستثناء وقع في وهمك أن هناك شيئًا من النقص يمكن أن ينقض ما استقر في وهمك وثبت فيه، ثم جاء قوله: "جواد" ليردك عن هذا الوهم، فليس الجود صفةً من الصفات المذمومة التي يصح أن تستثنَى من كمال الأخلاق، وبهذا لا يستقر الوهم عندك كما استقر في البيت الماضي. ولا يتطلع ذهنك إلى صفة العيب المثبتة كما تَطَلَّع هناك، وحتى هذه اللحظة يكون إيهام الذم قد تلاشى بسرعة واختفى أثره قبل أن يتمكن من النفس، لكن قوله: "فما يبقي من المال باقيًا" التي تلت صفة الجود قد ترجعك مرة أخرى إلى إيهام الذم، فالجود له حدود ولكن إذا تجاوز حدوده اتهم صاحبه، ولو ممن قد يصيبهم هذا الكرم البالغ مداه بالضرر كالزوجة والأولاد وهذا حديث شرحه يطول.
ولكن عند التحقيق لا ترى في هذا شيئًا من العيب، ولم يصل حاتم الطائي إلى ما وصل إليه إلا بأنه كان لا يبقي من المال باقيًا، ولم يبلغ أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- من المنزلة في العطاء ما بلغ إلا حين ما ذهب بكل ما يملك إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يبقِ لأهله وأولاده إلا الله ورسوله. والرسول -صلى الله عليه وسلم- هو المثل الأعلى الذي لا يدانَى في هذا الميدان، ولو كان العطاء الذي يأتي على المال كله عيبًا، لَمَا صنع التاريخ من هذه النماذج المُثل العليا في هذا الباب، فليس إذًا في إفناء المال في الجود شيء يتناقض مع كمال الأخلاق الذي أثبته في صدر هذا البيت. ولكن هذا لم يثبت إلا

نام کتاب : البلاغة 1 - البيان والبديع نویسنده : جامعة المدينة العالمية    جلد : 1  صفحه : 421
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست