{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} (الفتح: 29). فقد اكتسب المسند إليه بإضافة المسند إلى لفظ الجلالة التعظيم، وعلو منزلته ورِفعة شأنه. ولا يخفى عليك ما في تنكير: {أَشِدَّاءُ} و {رُحَمَاءُ} من تفخيم وتعظيم.
وذكر البلاغيون: أن من أغراض تخصيص المسند بالوصف أو الإضافة تربية الفائدة وتكثيرها وجعلها أتم وأكمل أو بمعنى آخر: تكثير المعنى، والدلالة على غزارته؛ لأن زيادة المبنى كما قالوا تدل على كثرة المعنى. تقول مثلًا: امرؤ القيس شاعر فارس، وزهير شاعر حكمة. قد كثر المعنى في الأول بالوصف، وتمت الفائدة في الثاني بالإضافة، ومنه قول الشاعر:
حمي الحديد عليهم فكأنه ... ومضان برق أو شعاع شموس
وقول الآخر:
وكنت امرأً لا أسمع الدهر سبة ... أسب بها إلا كشفت غطاءها
فقد خصص المسند في البيت الأول بالإضافة ومضان برق أو شعاع شموس، وخصص في البيت الثاني بالوصف "امرأ لا أسمع الدهر سبة أسب بها".
ومنه قول الله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (الأحزاب: 40). قد خصص المسند بالإضافة في قوله: {أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} (الأحزاب: 40) لتكثير الفائدة، وعمومها. فهو -عليه السلام- ليس أبًا لأحد منهم، ثم عرف المسند بالإضافة في قوله: {رَسُولَ اللَّهِ}، و {خَاتَمَ النَّبِيِّينَ}؛ لإفادة التعظيم، وشهرة اتصافه -صلى الله عليه وسلم- بتلك الصفة.