هذا؛ وما يسري على المسند إليه من تنكير للأغراض البلاغية -السالف ذكرها- يسري على غيره فكثير من الأغراض التي ذكرناها لتنكير المسند إليه تأتي في غيره كما في قول الله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا} (الزمر: 29) فالمضروب به المثل في الموضوعين فرد من أفراد الرجال، وهو غير مسند إليه فيهما.
ومن تنكيره لإفادة النوعية قول الله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} (البقرة: 96) فليس المراد مطلق حياة، إذ لا معنى لأن يحرص الإنسان على شيء قد استوفاه بالفعل إنما يحرص على شيء لم يحصل له بعد، فالمراد إذن نوع خاص من الحياة وهو الحياة الممتدة الزائدة، وكأنه يقول: ولتجدنهم أحرصَ الناس وإن عاشوا على أن يزدادوا إلى حياتهم في ماضيهم وحاضرهم حياةً مستقبلة ً؛ ولهذا نكَّر لفظ الحياة؛ للدلالة على هذا النوع منها وهو غير مسند إليه وهكذا.
توابع المسند إليه
هذا؛ وقد عرض الخطيب القزويني وسائر علماء البلاغة لتوابع المسند إليه، يستجلون أسرارها ويستنطقونها، ويستخرجون منها ما فيها من وجوه بلاغية، وهذا من ثم يستوجب البحث عن شيء من سر بلاغة هذا حتى نلمَّ بهذا الباب من أبواب البلاغة.
فقد يتبع المسند إليه بتابع كالوصف والبدل والتوكيد والعطف وذلك لغرض يقصد إليه البلاغي، وشأن المسند إليه في هذا شأن غيره من أجزاء الجملة كما لا يخفى عليك أن الأحوال التي ذكرناها للمسند إليه تجري أيضًا على غيره من أجزاء الكلام.