responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري نویسنده : الآمدي، أبو القاسم    جلد : 1  صفحه : 471
واحد، وجعلها ابتداء قصيدة، ولم يرفق بينها بفواصل فقال: " قدك اتئب أربيت في الغلواء "؛ فصار قوله " قدك اتئب " كانهما كلمة واحدة على وزن مستفعلن، وضم إليه " أربيت في الغلواء " فاستهجنت، ولو جاء هذا في شعر أعرابي لما أنكروه؛ لأن الأعرابي إنما ينظم كلامه المنثورالذي يستعمله في مخاطباته ومحاوراته، ولو خاطب أبو تمام بهذا المعنى في كلامه المنثور لما قال لمن يخطبه إلاحسبك استح زدت وغلوت، وهذا كلام حسن بارع.
قال: فمن شأن الشاعر الحضري أن يأتي في شعره بالألفاظ العربية المستعملة في كلام الحاضرة؛ فإن اختارأن يأتي بما لايستعمله أهل الحضر فمن سبيله أن يجعله من المستعمل في كلام أهل البدو دون الوحشىّ الذي يقلّ استعمالهم إياه، وأن يجعله متفرقاً في تضاعيف ألفاظه، ويضعه في مواضيعه، فيكون قد اتسع مجاله بالاستعانة به، ودلّ على فصاحته وعلمه، وتخلصّ من الهجنة، كما أنالشاعر الأعرابي إذا أتى في شعره بالوحشىّ الذي يقل استعماله إياه في منثور كلامه وما يجري دائماً في عادته هجنّه وقبّحه، إلا أن يضطر إلى اللفظة واللفظتين، ويقلل، ولايستكثر؛ فإن الكلام أجناس إذا أتى منه شئ مع غير جنسه باينه ونافره وأظهر قبحه.
وقد تصرف البحتري في هذا الباب أحسن تصرف وأبلغه وأعجبه؛
فمن ذلك قوله:
أتاركى أنت أم معرًى بتعذيي ... ولائمى في هوًى إن كان يرزىبي
وقوله أيضاً:
يفنّدون وهم أدنى إلى الفند ... ويرشدون وما العذّال في رشد
متى كان سمعى خلسةً ... وكيف صنعت للعاذلين عزائمى
وقوله أيضاً:
قدك اتئب أربيت في الغلواء ... كم تعذلون وأنتم سجرائى
وهذه كلها ابتداءات صالحة إلا هذا البيت الأخير؛ فإن الناس عابوه، وذكرأبوعبد الله محمد بن داود بن الجراح فى كتاب أن مما عيب من ابتداءات الطائى قوله:
كذافليجل الخطب وليفدح الأمر
وقوله:
خشنت عليه أخت بنى خشين
فأما قوله " خشنت عليه " فهو لعمرىمن تجنيساته القبيحة وعهدت مجان البغداديين يقول: قليل نورة يذهب بالخشونة، وأما قوله " كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر " فليس بمعيب عندى، وقدذكرته فىبتداءات المراثى، وأخبرت بمعناه، وأما قوله " قدك اتئب أربيت فى الغلواء " فإنها ألفاظ صحيحة فصيحة من ألفاظ العرب، مستعملة فى نظمهم ونثرهم، وليست من متعسف ألفاظهم، ولا وحشى كلامهم، ولكن العلماء بالشعر أنكروا عليه أن جمعها فى مصراع واحد، وجعلها ابتداء قصيدة، ولم يفرق بينها بفواصل فقال: " قدك اتئب أربيت فى الغلواء " فصار قوله " قدك اتئب " كانهما كلمة واحدة على وزن مستفعلن، وضم إليه " أربيت فى الغلواء " فاستهجنت، ولوجاء هذا فى شعر أعرابى لما أنكروه لأن الأعرابى إنما ينظم كلامه المنثور الذى يستعمله فىمخاطباته ومحاوراته، ولوخاطب أبوتمام بهذا المعنى فى كلامه المنثور لما قال لمن يخاطبه إلا حسبك استح زدت وغلوت، وهذاكلام حسن بارع.
قال: فمن شأن الشاعر الحضرى أن يأتى فى شعره بالألفاظ (العربية) المستعملة فىكلام الحاضرة، فإن اختار أن يأتى بما لا يستعمله أهل الحضر فمن سبيله أن يجعله من المستعمل في كلام أهل البدو دون الوحشى الذى يقل استعمالهم إياه، وأن يجعله متفرقا فى تضاعيف ألفاظه، ويضعه في مواضعه، فيكون قداتسع مجاله بالاستعانة به، ودل على فصاحته وعلمه، وتخلص من الهجنة، كما أن الشاعر الأعرابي إذا أتى فى شعره بالوحشى الذى يقل استعماله إياه فى منثور كلامه وما يجرى دائما فى عادته هجنه وقبحه، إلا أن يضطر إلى اللفظة واللفظتين، ويقلل، ولا يستكثر، فإن الكلام أجناس إذا أتى منه شىء مع غير جنسه باينه ونافره وأظهر قبحه.
وقد تصرف البحتري في هذا الباب أحسن تصرف وأبلغه وأعجبه؛

نام کتاب : الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري نویسنده : الآمدي، أبو القاسم    جلد : 1  صفحه : 471
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست