مَنْ لاحَظ الأشْياَء في المآلِ ... وجدَها معدومَةً كالآلِ
مَنْ لَزِمَ الدُّنْيا وَربّ زَمْزَمِ ... لَزِمَ ما لزُوُمُهُ لَمْ يَلْزَمِ
وكان ترك الشعر رحمه الله، قبل موته بمدة. وقال في ذلك:
مَنْ يصَوْغِ الشّعْرِ أصْبَحَ مولَعاً ... فالمرْءُ يُسْئَلُ عَنْ مَقاصِدِ شِعْرِه
فَلْيَذْكُرَنّ المرْءُ عِنْدَ سُؤالِهِ ... وليذكُرَنّ قِيامَهُ منْ قَبْرِهِ
هَذِي الثلاثةُ لا ارْتجالَ وَراَءها ... فَطَوَيْتُ رَقّ الشّعْرِ خيفَةَ نَشْرِهِ
قوله: فليذكرن المرء الخ. المرء فاعل ليذكرن، وقوله عند، ظرف توسع فيه فنصبه على المفعول به، ليذكرن. والمعنى: أن المرء إذا تذكر ذينك الوقتين، ينبغي له أن لا يشتغل بغير ما يجدي عليه نفعا هناك.
حرم بن عبد الله
المعروف بلكنيز بن عبد الله بن عثمان. يجتمع فيه مع باب المتقدم، وباقي النسب هناك، فقيه ورع متواضع نحوي سليم الذوق، يتدفق ذكاء وفطنة، تطربه الأشعار الحسان. وكان في زمننا هذا رحمه الله، ولم تشتهر له قصائد كبار، وإنما له مقطعات حسان، ولم يعلق بخاطري منها الآن إلا أبيات، كتب بها إلى أبناء احمد بن اعمر أكداش (بكاف معقودة ودال بعدها ألف وشين، بطن من بني عمر أكداش) وكان شاعرهم المشهور، المختار ابن المعلى، قال قصيدة يمدح بها العلويين، تشتمل على ثلاثة بحور، فأجابها شاعر العلويين، أبد بن سيدي أحمد بن محمود ابن أخي أبد المتقدم، بقصيدة تشتمل على عشرة بحور ومطلعها:
دُرَرُ البهاءِ رمَى بِهِنَّ غَطْمْطمُ ... حارَ البليغُ بِها فَبلغَ طِمْطِمُ
فأجابها ابن المعلى بأربعة أبيات، تقرأ في كل البحور أوجلها، فرد عليه أبد ببيتين يقرآن في كل البحور، وساقا هذا الشعر في معرض المدح، وإنما المراد به التعجيز لما بين الحيين من المنافرة القديمة، ولم يزل هذان الشاعران موجودين فيما أظن، أما أبد، فعن تحقيق ولله الحمد. فقال حرم المذكور: