سلام غالي على ما يستحق به ... غداهُ مِنْ ربنا أسنى مواهبه
لو كان كاتبَ لا شلّتْ أنامِلُه ... رهط ابنِ مقلة لم يفخر بكاتبه
القضاء في شنقيط
إن القاضي في شنقيط، الأغلب فيه: أن لا يكون مُولى من أحد، وإنما كيفية توليه، أن يشتهر بمعرفة الأحكام، وقد يولى أحد أمراء حسان قاضيا، ويكون ملازما له. ولكن الأغلب، أن هذا لا يذهب إليه إلا في المسائل ذات الشأن، كما إذا وقع قتل لينفذ الحكم. ومن أدركناه من هؤلاء الأمراء، إذا حكم في قتل لا ينفذ القصاص، بل يبقى يرتشي ويطاول التنفيذ، وربما أوعز إلى قاضيه بأن يحكم بما يهوى هو، أي الأمير. فلذلك لا يتفق عليه الخصمان. وأحسن من أدركنا من رؤساء حسان: أحمد بن امحمد بن عيد، فإنه على ما يقال لا يريد من القاضي، إلا إظهار الحق، ويناظر العلماء لذلك. وليس للقضية رسوم تدفع عند رفعها، ولا للقاضي شيء سوى تعبه، ولا يرضى إذا كان ورعا، أن يخلو بأحد الخصمين دون الآخر، وهذا هو الأغلب. وقد قال السالك بن باب العلوي، حفظه الله، في صفة بعض أهل العصر، وإن كان ظاهره التعميم. فمراده الخصوص:
قضاة العصر طراً جائرونا ... وعن نهج الحقيقة مائلونا
تراهم كاتبين لمن أتاهم ... ولم يخشوا كراماً كاتبينا
وكل من يخالف شخصا في مسألة، يراه مخطئا، إلا إنه إذا كان ذلك خال من الأغراض والتعصب، لا يقدح. وإذا اختلف المتنازعان في شنقيط، يتفقان على من شاء من أهل العلم. فإذا ألقيا حججهما، طالب المدعى بالشهود، ولا تقبل شهادة إلا من علمت عدالته عند القاضي، أو ركاه مبرزان مشهوران بالدين والورع ثم يعدر للمدعى عليه في الشهود، وهم في هذه النقطة، أرقى ممن رأينا من