إن أحد الشبان، كان يجتمع عنده السفهاء بمكة، فشكوه إلى الوالي فنفاه إلى عرفات، فكتب إلى أصحابه، بأنهم صاروا إلى الأمن والنزهة، فصاروا يكترون حمير المكارين، ويذهبون إليه، فشكاه أهل عرفات إلى وإلى مكة ايضا، فأحضره، فأنكر، فقيل له: مر بحمير المكارين أن تساق إلى عرفات، فإذا وقفت عند بيته من تلقاء نفسها، فذلك دليل، فأمر بالحمير فسيقت إلى عرفات، فوقفت على بيته،
فصدق ما قيل له، فلمَّا هم بتنكيله. قال له: والله ما في هذا شيء، أشد علينا من أن يسخر منا أهل العراق، ويقولون: إن أهل مكة يحكمون بشهادات الحمير.
فما يؤسف عليه: أن ذلك المفتي رحمه الله، نبذ خط السيد مرتضى بيده، وكلام سيدي العربي بن السائح، وحكم بالجغرافية، على أن الجغرافية ليس فيها ما نسبه إليها.
والقبائل التي سمى لا توجد في آدرار، وقوله تاغانيت، ومركزها تيشيت، غير صحيح أيضا، فتاغانيت هي تاكانت، وليس بها من المدن إلا تيججك والرشيد، أما الرشيد، فليست عامرة دائما، بل قد تمر عليها سنين متتابعة، لا يدخلها غير الحمام. وذلك إذا كان أهلها في الحرب، كما وقع مرارا، وأما تيشيت، فبينها مع تكانت، أربعة أيام، وتعترض بينهما أرض آوكار وتكب، وغير ذلك.
الكلام على تاريخ عمارة شنقيط
كانت شنقيط عيونا تشرب منها الخيل كما تقدم، وقد مضى من تاريخ عمارتها إلى وقتنا هذا وهو عام 1329 خمسمائة سنة تقريبا، وقد بنيت في أول الأمر على موضع مستومشتد، فانتقلت إليها الرمال، حتى أن جوانبها يخشى عليها أن تواريها الحصباء فيما بعد. وهذا يوجد في تلك البلاد، فان منها أماكن دهسة، فالريح تنقلها على طول الأزمنة كما هو مشاهد.