عند المشارقة بين صانع الحديد وبائع القمح، ومن يبيع الخيل أو القماش، أو يخيط الثياب أو غير ذلك، بل المذموم عندهم، أن يكون الشخص لا حرفة له تغنيه عن الناس، وكان الوليد بن المغيرة القرشي المشهور حدادا، ولم تذمه قريش ذلك، بل هو المراد بقولهم المحكي في القرآن، (وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم) والثاني عروة بن مسعود الثقفي، والقريتان مكة والمدينة، ولعل أهل الصحراء أخذوا ذلك من هجو جرير للفرزدق، فأنه كان يعيره بأن جده كان حداداً. فمنهم:
باباه الأحراكي
كان شاعراً مجيداً، وله قصيدة حسنة مطلعها:
إنَّ ربعا بجانب البَصّارا ... هاج للقَيْن لوعة وادكارا
ولا أحفظ منها غيره.
امحمد بن هَدَّارْ
اشتهر بالغناء، وكان صديقاً لامحمد ابن الطلب المتقدم، ومما ينسب إليه:
لعمري وفي ترك النساء مزيَّةٌ ... ومنْ يتَّبعْ أهْوَاَءهُ يُمسِ نادِما
لهمت بحدادية منذُ أزْمُنٍ ... وقد علمتْ أني بها صرت هائما
ولم أر فيها خيرَ ذلك مرة ... فلا خيرَ في الحدَّادِ لو كان عالما