سِوى أننا كنّا عبيدَ مشيئَةٍ ... ولا عار في أن يُعجزَ السَّيدُ العبدَا
فليْسَ علينا أن يُساعِدنا القضا ... ولكنْ علينا أننا نبذُل الجهدا
ألم تر أنَّا قد رعيْنا عُهودَها ... على حينَ لا يرعى سِوانا لها عَهدا
حبسنا عليها وهي جدبٌ سوامنا ... فما صدَّنا السَّعدان عنها ولا صدَّا
ويظعن عنها الناس حال انتجاعِهم ... ولم ننتجعْ برقاً يلوحُ ولا رعْدا
وإذ غدرتْ فانفضَّ من كان حولها ... وفْينا فلم نغدر ولم نخلِف الوعدا
فجئنا لها حتى ضربنا قبابنا ... على نجدها الميمون أكرم به نجدا
ومَرْجعَ سانيها جعلنا مخيما ... لئلا نصون الشيبَ عنها ولا المردا
نَظَلُّ وقوفاً صائمينَ على الظما ... نخالُ سَموم القيظ في جنبها بَرْدا
وتُذرى علينا الرامسات غُبارها ... فننشقه من حُب إصلاحها وَرْدا
ويشرب كلُّ الناس صفو مياههم ... ونشربُ منها الطين نحسبهُ شهْدا
بهذا ترى ميمونة أنّ تركنا ... لها لم يكن منا اختياراً ولا زُهدا
على أننا والأمر عنَّا مُغّيبٌ ... ولله ما أخفى ولله ما أبدى
منَ الله نرْجو أنْ ييَسر أمرها ... ويجعل بعد النحس طالِعَهَا سعْدا
فيرأبَ مثآها ويجير كسرَها ... ويبقيَها ميمونة كاسمِها سُعْدى
ومن رقيق شعره قوله:
رفقاً بنا يا ذوات الأعينِ النُّجُلِ ... يُنَالُ بالرِّفقِ ما بالعُنْفِ لم يُنَل
نحنُ العبيد الأُلى أنتُنَّ سادتُهمْ ... فارْعَيْنَ فينا وصاةَ الله بالخَوَل
واحذرْن مما نهى عنه المهيمنُ من ... تكليفنا غير مسطاعٍ من العمل
وله أيضا:
يا ليْتَ شعريَ هلْ في زورة حرجُ ... لمنْ لها بعْدَ أن نامَ الورى دَلجُ
منْ أعْظم البرّ مَثوى مغرمٍ دنفٍ ... عن وصل غانيةٍ في طرفِها دعجُ