يريدون بذلك رُخص الفداء -
فجعل قيس إذا أخذ منهم أسيراً دفعه إلى ثلاثة من بني تميم، فيقول: أمسكوا حتى أصطاد لكم زعبلة
أخرى.
فما زالوا في أثر القوم يقتلون ويأسرون، حتى أسروا عبد يغوث بن وقاص ابن صلاءة الحارثي،
أسره رجل من بني عبشمس بن سعد، وقُتل يومئذ علقمة بن سبّاح القريعي، وهو فارس هبود، وهو
فرس عمرو بن الجعيد المرادي. وأسر الأهتم وهو سمى بن سنان بن خالد ابن منقر، رئيس كندة،
ويومئذ هُتم الأهتم، وقتلت التيم الأوبر بن أبان ابن دارع الحارثي، وآخر من بني الحارث يقال له
معاوية، قتلهما النعمان بن جساس قبل أن يُقتل، وكان قد قتل يومئذ خمسة من أشرافهم، وقتلت بنو
ضبة ضمرة بن لبيد الحماسي الكاهن، قتله قبيصة بن ضرار بن عمرو الضبي، وأما عبد يغوث فانه
انطلق به العبشمي إلى أهله، وكان العبشمي أهوج، فقالت له أمه - ورأت رجلا شريفاً عظيماً جليلاً
جميلاً - فقالت لعبد يغوث: من أنت؟ قال: أنا سيد القوم. فضحكت وقالت: قبحك الله سيد قوم حين
أسرك هذا فقال عبد يغوث الحارثي:
وتضحكُ مني شَيخَةٌ عَبشَميَّةٌ ... كأنْ لم ترى قبلي أسيراً يمانِيا
فقال: أيتها الحرة، هل لك إلى خير؟ قالت: وما ذاك؟ قال: أعطي ابنك مائة من الإبل، وينطلق بي
إلى الأهتم، فإني أتخوّف أن تنتزعني سعد والرباب منه؛ فضمن لها مائة من الإبل، وأرسل إلى بني
الحارث، فسرحوا بها إليه، فقبضها العبشمي، وانطلق به إلى الأهتم، فقال عبد يغوث: