نام کتاب : علوم البلاغة البيان، المعاني، البديع نویسنده : المراغي، أحمد بن مصطفى جلد : 1 صفحه : 49
المبحث الرابع: في طريق إلقاء الخبر
من مزايا اللغة العربية دقة التعبير واختلاف الأساليب، بتنوع الأغراض والمقاصد، فمن الخطل عند ذوي المعرفة البسط والإطناب، إذا لم تكن الحاجة ماسة إليه، والإيجاز حيث تطلب الزيادة، وقد خفيت هذه الدقائق عل الخاصة بلغة العامة, ويرشد إلى ذلك ما رواه الثقات من أن المتفلسف الكندي ركب إلى أبي العباس المبرد، وقال له: إني لأجد في كلام العرب حشوا، فقال أبو العباس: في أي موضع وجدت ذلك؟ فقال: أجد العرب يقولون: عبد الله قائم، ويقولون إأن عبد الله قائم، ثم يقولون إن عبد الله لقائم، فالألفاظ متكررة والمعنى واحد. فقال أبو العباس: بل المعاني مختلفة لاختلاف الألفاظ، فالأول إخباره عن قيامه, والثاني جواب عن سؤال سائل, والثالث جواب عن إنكار منكر قيامه، فقد تكررت الألفاظ لتكرر المعاني، فما أحار المتفلسف جوابا.
ومن هذا تعلم أن العرب لاحظت أن يكون الكلام بمقدار الحاجة لا زائدا عليها، وإلا كان عبثا, ولا ناقصا وإلا أخل بالغرض، وهو الإفصاح والبيان، وتعلم أيضا أن المخاطب لا يخلو من أن يكون واحدا من ثلاثة:
1- خالي الذهن من الحكم، ومن التردد فيه فيلقى إليه الكلام ساذجا غفلا من أدوات التوكيد التي سترد عليك، ويسمى هذا الضرب ابتدائيا، نحو: محمد سافر.
2- المتردد في ثبوت الحكم وعدمه بألا يترجح عنده هذا على ذلك، وحينئذ يحسن تقوية الحكم بمؤكد ليزيل ذلك التردد، ويسمى هذا الضرب طلبيا.
ويرى عبد القاهر أنه إنما يحسن التوكيد إذا كان الملخاطب ظن على خلاف حكمك، وله تشوف إلى الوقوف على الحقيقة, فيحسن تقوية الحكم له بأن ونحوها ليتمكن المعنى المراد في نفسه ويطرح الخلاف وراء ظهره.
ثم قال: ومن ثم يحسن موقع إن إذا كان الخبر بأمر يبعد في الظن مثله؛ لأن العادة جرت بخلافه كقول أبي نواس:
عليك باليأس من الناس ... إن غنى نفسك في اليأس
لما كان في مجرى العرف والعادة ألا يدع الناس الطمع والرجاء ويحملوا أنفسهم على اليأس ويجعلوا فيه الغنى كما ادعى، أكده بأن.
نام کتاب : علوم البلاغة البيان، المعاني، البديع نویسنده : المراغي، أحمد بن مصطفى جلد : 1 صفحه : 49