نام کتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 305
الولاة معهم في مشكلاتهم ليطمئن صاحب الحق على بقاء حقه في حوزته، وعودته إليه فيما لو اعتدى عليه، وليرتدع من تسول له نفسه الاعتداء على حقوق الناس، وقبل ذلك وأهم منه أن يردعه كل من يحدث نفسه بالاعتداء على حق الله تعالى، وهذا الوجود المتلاحم بين الوالي والرعية يظهر بصور متعددة تتناسب مع أنماط الحياة في كل عصر، فلا يقولن قائل: إن ما قام به أمير المؤمنين على رضي الله عنه يعتبر سائغًا في عصره، ولكنه بعيد التصور في هذا العصر، فإنه لا عبرة بالأشكال والصور، وإنما العبرة بالأهداف والمقاصد التي بها تحقق الحياة السعيدة للمسلمين، وذلك برعاية حق الله أولاً، ثم حقوق الناس العامة والخاصة، وفيما أمر به أمير المؤمنين على رضي الله عنه من إجراء العقوبة على المعتدي مع تنازل صاحب الحق دلالة على إدراكه رضي الله عنه لمقاصد الإسلام من حفظ الأمن، وإشاعة السلام بين المؤمنين، وبذلك سيرتدع من تميل نفسه إلى الاعتداء على غيره إذا عرف بأن العقوبة ستجري عليه ولو عفا عنه خصمه [1].
ومن مواقف عدله رضي الله عنه: ما رواه عاصم بن كليب عن أبيه قال: قدم على علىَّ ابن أبي طالب مال من أصبهان [2] , فقسمه سبعة أسباع، فوجد فيه رغيفًا، فقسمه سبع كسر، وجعل على كل جزء كسرة، ثم أقرع بينهم، أيهم يعطي أول [3].
وأما مبدأ المساواة الذي اعتمده أمير المؤمنين على بن أبي طالب في دولته، فيعد أحد المبادئ العامة التي أقرها الإسلام، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات:13]، وجاءت ممارسة أمير المؤمنين على رضي الله عنه لهذا المبدأ خير شاهد، ومن هذه المواقف، حرصه على تقسيم المال فور وروده إليه على الناس بالتساوى بعد أن يحتجز منه ما ينبغي أن يأخذ للمرافق العامة، ولم يكن يستبيح لنفسه أن يأخذ من هذا المال إلا مثلما يعطي غيره من الناس، كما أنه كان يعطي معارضيه من الخوارج من العطاء مثلما يعطي غيرهم، وهذا قبل سفكهم للدماء، [1] التاريخ الإسلامي للحميدى (12/ 433، 433). [2] مدينة عظيمة في بلاد فارس. [3] الكامل في التاريخ (2/ 442).
نام کتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 305