نام کتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 57
من الأمور العادية التي قد تخفى على من لم يشهدها، والتي لا يعبأ بنقلها لعدم الحاجة لذكرها. على أن الذي ذكره العلماء أن فاطمة ـ رضي الله عنها ـ لم تتعمد هجر أبي بكر ـ رضي الله عنه تلك الفترة أصلاً، ومثلها ينزه عن ذلك لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الهجر فوق ثلاث، وإنما لم تكلمه لعدم الحاجة لذلك [1]، قال القرطبي صاحب المفهم في سياق شرحه لحديث عائشة المتقدم: ثم أنها (أي فاطمة) لم تلتق بأبي بكر لشغلها بمصيبتها برسول الله صلى الله عليه وسلم ولملازمتها بيتها فعبر الراوي عن ذلك بالهجران، وإلا فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث [2]، وهي أعلم الناس بما يحل من ذلك ويحرم، وأبعد الناس عن مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف لا يكون كذلك وهي بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيدة نساء أهل الجنة [3].
لقد انشغلت فاطمة رضي الله عنها عن كل شئ بحزنها لفقدها أكرم الخلق، وهي مصيبة تزري بكل المصائب، كما أنها انشغلت بمرضها الذي ألزمها الفراش عن أية مشاركة في أي شأن من الشئون فضلاً عن لقاء خليفة المسلمين المشغول بكل لحظة من لحظاته، بشئون الأمة، وحروب الردة وغيرها، كما أنها كانت تعلم بقرب لحوقها بأبيها فقد أخبرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها أول من يلحق به من أهله [4]، ومن كان في مثل علمها لا يخطر بباله أمور الدنيا، وما أحسن قول المهلب الذي نقله العيني، ولم يرو أحد أنهما التقيا وامتنعا عن التسليم وإنما لازمت بيتها، فعبر الراوي عن ذلك بالهجران [5]، وقد دل على ذلك زيارة أبي بكر لها وترضيته لها كما مر معنا.
الحادي عشر: وفاة السيدة فاطمة رضي الله عنها:
ومما يدل على أن العلاقة كانت وطيدة بين الصديق والسيدة فاطمة إلى حد أن زوجة أبي بكر أسماء بنت عميس هي التي كانت تمرض فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم [1] الانتصار للصحب والآل صـ 434 [2] البخاري رقم 6077. [3] المفهم (12/ 73). [4] مسلم رقم 2450. [5] أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ صـ 108.
نام کتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 57