نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 71
فاضرب أعناقهم. وقال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله، انظر واديًا كثير الحطب، فأدخلهم فيه ثم اضرب عليهم نارًا، فقال العباس: قطعت رحمك. فدخل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يرد عليهم شيئا، فقال ناس: يأخذ بقول أبي بكر، وقال ناس: يأخذ بقول عمر، وقال ناس: يأخذ بقول
عبد الله بن رواحة، فخرج عليهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: «إن الله ليليِّن قلوب رجال فيه حتى تكون ألين من اللبن، وإن الله ليشد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة، وإن مثلك يا أبا بكر كمثل عيسى - عليه السلام - إذ قال: {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118]، وإن مثلك يا عمر كمثل نوح؛ إذ قال: {وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: 26]، وإن مثلك كمثل موسى إذ قال: {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ زِينَةً وَأَمْوَالا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ} [يونس: 88] [1]. كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا استشار أصحابه أول من يتكلم أبو بكر في الشورى، وربما تكلم غيره، وربما لم يتكلم غيره فيعمل برأيه وحده، فإذا خالفه غيره اتبع رأيه دون رأي من يخالفه. (2)
ثانيًا: في أحد وحمراء الأسد:
في يوم أحد تلقى المسلمون درسًا صعبًا؛ فقد تفرقوا من حول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وتبعثر الصحابة في أرجاء الميدان، وشاع أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قتل، وكان رد الفعل على الصحابة متباينًا، وكان الميدان فسيحًا، وكل مشغول بنفسه، شق الصديق الصفوف، وكان أول من وصل إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، واجتمع إلى رسول الله أبو بكر وأبو عبيدة بن الجراح، وعلي، وطلحة، والزبير، وعمر بن الخطاب، والحارث بن الصمة، وأبو دجانة، وسعد بن أبي وقاص، وغيرهم ... رضي الله عنهم، وقصدوا مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الشعب من جبل أحد في محاولة لاسترداد قوتهم المادية والمعنوية [3].
وكان الصديق إذا ذكر أحدًا قال: ذلك يوم كله لطلحة، ثم أنشأ يحدث قال: كنت أول من فاء يوم أحد، فرأيت رجلا يقاتل في سبيل الله دونه، قلت: كن طلحة، [1] مسند أحمد: 1/ 373، تفسير ابن كثير: 2/ 325.
(2) أبو بكر الصديق، محمد مال الله: ص 325. [3] مواقف الصديق مع النبي في المدينة، د/عاطف لماضة: ص 27.
نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 71