نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 69
فقالوا: أنت يا أمير المؤمنين، فقال: أما إني ما بارزني أحد إلا انتصفت منه، ولكن هو أبو بكر؛ إنا جعلنا لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عريشًا، فقلنا: من يكون مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لئلا يهوي إليه أحد من المشركين؟ فوالله ما دنا منه أحد إلا أبو بكر شاهرًا بالسيف على رأس رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لا يهوي إليه أحد من المشركين إلا أهوى إليه، فهذا أشجع الناس. (1)
4 - الصديق يتلقى البشارة بالنصر، ويقاتل بجانب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
بعد الشروع في الأخذ بالأسباب اتجه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى ربه يدعوه ويناشده النصر الذي وعده ويقول في دعائه: «اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلا تعبد في الأرض أبدًا». وما زال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يدعو ويستغيث حتى سقط رداؤه، فأخذه أبو بكر ورَدَّه على منكبيه وهو يقول: يا رسول الله، كفاك مناشدتكم ربك فإنه منجز لك ما وعدك [2] وأنزل الله -عز وجل-: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ" وفي رواية ابن عباس قال: قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم بدر: «اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن شئت لم تعبد» فأخذ أبو بكر بيده، فقال: حسبك الله، فخرج - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو يقول: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ". [3] وقد خفق النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خفقة وهو في العريش ثم انتبه فقال: أبشر يا أبا بكر أتاك نصر الله، هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده، على ثناياه النقع (يعني الغبار)، قال: ثم خرج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى الناس فحرَّضهم [4].
وقد تعلم الصديق من هذا الموقف درسًا ربانيًا مهمًا في التجرد النفسي وحظها، والخلوص واللجوء لله وحده، والسجود والجثي بين يدي الله سبحانه لكي ينزل نصره، وبقي هذا المشهد راسخًا في ذاكرة الصديق وقلبه ووجدانه يقتدي برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في تنفيذه في مثل هذه الساعات وفي مثل هذه المواطن، ويبقى هذا المشهد درسًا لكل قائد أو حاكم أو زعيم أو فرد يريد أن يقتدي بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وصحابته الكرام.
ولما اشتد أوار المعركة وحمي وطيسها نزل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وحرض على القتال والناس
(1) البداية والنهاية: 3/ 271، 272. [2] مسلم، كتاب الجهاد، باب الإمداد بالملائكة ببدر، رقم: 1763. [3] البخاري، كتاب المغازي، باب قصة بدر، رقم: 3953. [4] السيرة النبوية لابن هشام: 2/ 457، نقلا عن تاريخ الدعوة: ص 125.
نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 69