نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 38
وقال: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ} [غافر: 28]، وفي رواية أنس - رضي الله عنه - أنه قال: لقد ضربوا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرة حتى غشي عليه، فقام أبو بكر - رضي الله عنه - فجعل ينادي: ويلكم، أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله؟! [1] وفي حديث أسماء: فأتى الصريخ إلى أبي بكر، فقال: أدرك صاحبك، قالت: فخرج من عندنا وله غدائر أربع وهو يقول: ويلكم، أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله، فلهوا عنه وأقبلوا على أبي بكر، فرجع إلينا أبو بكر فجعل لا يمس شيئا من غدائره إلا رجع معه. (2)
وأما في حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فقد قام خطيبًا وقال: يا أيها الناس، من أشجع الناس؟ فقالوا: أنت يا أمير المؤمنين، فقال: أما إني ما بارزني أحد إلا انتصفت منه، ولكن هو أبو بكر، وإنا جعلنا لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عريشًا فقلنا: من يكون مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لئلا يهوي عليه أحد من المشركين؟ فوالله ما دنا منه أحد إلا أبو بكر شاهرًا بالسيف على رأس رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لا يهوي إليه أحد إلا أهوى إليه فهذا أشجع الناس. قال: ولقد رأيت رسول الله وأخذته قريش، فهذا يحادَّه، وهذا يتلتله ويقولون: أنت جعلت الآلهة إلهًا واحدًا، فوالله ما دنا منه أحد إلا أبو بكر يضرب ويجاهد هذا ويتلتل هذا، وهو يقول: ويلكم، أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله، ثم رفع على بردة كانت عليه فبكى حتى اخضلت لحيته، ثم قال: أنشدكم الله أمؤمن آل فرعون خير أم هو؟ فسكت القوم، فقال علي: فوالله لساعة من أبي بكر خير من ملء الأرض من مؤمن آل فرعون، ذاك رجل يكتم إيمانه، وهذا رجل أعلن إيمانه [3].
هذه صورة مشرقة تبين طبيعة الصراع بين الحق والباطل، والهدى والضلال، والإيمان والكفر، وتوضح ما تحمَّله الصديق من الألم والعذاب في سبيل الله تعالى، كما تعطي ملامح واضحة عن شخصيته الفذة، وشجاعته النادرة التي شهد له بها الإمام علي - رضي الله عنه - في خلافته، أي بعد عقود من الزمن، وقد تأثر علي - رضي الله عنه - حتى بكى وأبكى.
إن الصديق - رضي الله عنه - أول من أوذي في سبيل الله بعد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأول من دافع عن رسول الله، وأول من دعا إلى الله [4]، وكان الذراع اليمنى لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، [1] الصحيح المسند في فضائل الصحابة للعدوي، ص 37.
(2) منهاج السنة، 3/ 4، فتح الباري: 7/ 169. [3] البداية والنهاية: 3/ 271، 272. [4] انظر: أبو بكر الصديق، محمد عبد الرحمن قاسم، ص 29، 30 - 32.
نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 38