responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 331
فوالله إن الراكب المفرد ليخافه على نفسه! إنك لن تطيق ذلك الطريق بالخيل والأثقال، إنها لخمس ليال لا يصاب فيها ماء.
قال خالد: إنه لا بد من ذلك لأخرج من وراء جموع الروم، وعزم خالد على سلوك هذا الطريق مهما تكن مخاطره، فكم فاز باللذة الجسور، فنصحه رافع بن عمير أن يستكثر من الماء حتى يجتاز ذلك الطريق، فأمر خالد جنوده أن يخزنوا الماء في بطون الإبل العطاش، ثم يشدوا مشافرها لكيلا تجتر فتستنزف الماء [1]، وقال لرجاله: إن المسلم لا ينبغي أن يكترث بشيء يقع فيه مع معونة الله له [2].
وسار به الدليل رافع بن عمير في طريق تمتاز بوعورتها وقلة مائها وضياع معالمها وقلة سكانها ولا سيما الجزء الممتد بين قراقر وسوى [3]، إلا أنها أقصر الطرق، فأوضح خالد لجنده الاعتبارات التي تجعله يفضل سلوك هذا الطريق على غيره، وهي السرعة والسرية والمباغتة. وكان رافع قد طلب من خالد أن يهيئ عشرين ناقة كبيرة، فأعطاه ما أراد، فمنع عنها الماء أيامًا حتى عطشت، ثم أوردها إياه فملأت جوفها فقطع مشافرها وكممها فلا تجتر، ثم قال لخالد: سر الآن بالخيول والأثقال، وكلما نزلت منزلا نحرت من تلك الإبل وشرب الناس مما تزودوا. فسار الجيش من قراقر -وهي آخر قرى العراق على حدود الصحراء- إلى سوى وهي أوائل قرى الشام، والمسافة بينهما خمس ليال يستريحون بالنهار ويسيرون بالليل، واعتمد خالد على رافع بن عمير دليلاً بعد أن وثق به ومن صحة دلالته, واختار محرز المحاربي لحذقه في الدلالة على النجوم، لذلك كان مسيرهم ليلاً وصباحًا مع تحاشي السير عند ارتفاع النهار والظهيرة لقطع مرحلتين في اليوم الواحد، ولم يترك خالد أحدًا من جنده يسير راجلاً وإنما أركب الجند الإبل للمحافظة على قابليتهم البدنية. وسار خالد في الطريق وكلما نزل منزلاً نحر عددًا من النوق فأخذ ما في أكراشها فسقاه الخيل، ثم شرب الناس مما حملوا من الماء، فلما كان اليوم الخامس نفد الماء، فخاف خالد على أصحابه من العطش، وقال لرافع وهو أرمد: ما عندك؟ فطلب رافع من الناس أن يبحثوا عن شجرة عوسج صغيرة في تلك المنطقة فلم يجدوا إلا جزءًا

[1] الصديق أول الخلفاء: ص 171.
[2] الحرب النفسية، د: أحمد نوفل: 2/ 155.
[3] القراقر: ماء لكلب في بادية السماوة. وسوى: ماء لبهراء في بادية السماوة، (ياقوت، المعجم، 3/ 271، 4/ 317).
نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 331
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست