نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 314
الأعاجم وزهدهم في بلاد العرب وقال: ألا ترون ما ها هنا من الأطعمات؟ وبالله لو لم يلزمنها الجهاد في سبيل الله والدعاء إلى الإسلام ولم يكن إلا المعاش لكان الرأي أن نقاتل على هذا الريف حتى نكون أولى به، ونولي الجوع والإقلال من تولاه ممن اثاقل عما أنتم عليه، ثم خمس الغنيمة وقسم أربعة أخماسها وبعث الخمس إلى الصديق وأسر من أسر من ذراري المقاتلة وأقر الفلاحون بالجزية. [1] وفي خطبة خالد بن الوليد للناس إشارة إلى أن العرب وهم في جاهليتهم إضافة إلى أنهم ليسوا من طلاب الآخرة فإنهم لم يظفروا بالدنيا لتفرقهم وتناحرهم فيما بينهم، فخالد يقول: نحن طلاب الآخرة ولنا هدف سام نسعى إليه من أجله ندعو ومن أجله نجاهد، ولو فرض أننا لا نحمل هذا الهدف، ولا نجاهد من أجله فإن العقل يقتضي أن نقاتل من أجل أن نصلح أحوالنا المعيشية، وخالد حينما يذكر ذلك لا يجعل هذا الموقف ثنائيا مع الهدف السامي الذي ذكره، وإنما يذكر ذلك على أنه مجرد افتراض يفرض نفسه لو لم يوجد الهدف السامي المذكور، وكأنه يقول: إذا كنا سنقارع هؤلاء من أجل الهدف الدنيوي أفلا نقارعهم من أجل الهدف الأخروي وابتغاء مرضاة الله جل وعلا؟
وهذا الكلام يشحذ الهمم ويقوي العزم ويحيي القلب ويفجر الطاقات، فتنطلق بعد ذلك النفوس المؤمنة مجاهدة في سبيل الله تعالى بكل طاقاتها وإمكاناتها وقدراتها [2].
وجاء في رواية: أن في يوم الولجة بارز خالد رجلاً من أهل فارس يعدل بألف رجل فقتله، فلما فرغ اتكأ عليه ودعا بغدائه [3]، وهذا التصرف الجليل من سيف الله - رضي الله عنه - فيه إذلال للفرس وتحطيم لجبروتهم وتغطرسهم وإضعاف لعزائمهم [4].
4 - معركة أُلَّيْس وفتح أمغيشيا:
في هذه الموقعة انضم بعض نصارى العرب إلى الأعاجم، وصاروا عونًا للفرس على المسلمين، وكان عليهم عبد الأسود العجلي وعلى الفرس جابان، وكان قد أمره (بهمن جاذويه) ألا ينازل المسلمين إلا أن يعجلوه، وبعد أن بلغ خالد تجمع نصارى العرب وعرب الضاحية من أهل الحيرة سار إليهم، وكان همه متجهًا لمواقعتهم ولا علم له بانضمام [1] البداية والنهاية: 6/ 350. [2] التاريخ الإسلامي: 9/ 139. [3] البداية والنهاية: 6/ 350. [4] التاريخ الإسلامي: 9/ 138.
نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 314