نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 264
فيقول: أنا أصم لا أسمع، ففعل ذلك مرارًا وكان في كل مرة لا يجيبه فيها حبيب إلى طلبه يقتطع من جسمه عضوًا ويبقي عضو حبيب محتسبًا صابرًا إلى أن قطعه إربًا إربا فاستشهد - رضي الله عنه - بين يديه. [1] ولننظر إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كيف كانت سيرته، فلا يقتل الرسل ولو كانوا من قبل أعدائه الألداء الكفار، وحتى ولو كفروا أمامه وما دام لهم هذه الحصانة. أما مسيلمة فيتعامى عن العهود والمواثيق فيقتل السفراء لا قتلاً عاديًّا بل قتل تشويه وتمثيل وتشفٍ. إنه الفارق بين الإسلام الذي يحترم الكلمة ويحترم الإنسان ويخاصم بشرف ورجولة، وبين الجاهلية التي لا تعرف إلا الفساد في الأرض وتحكيم الهوى. (2)
4 - الرَّجال بن عنفوة الحنفي:
استفحل أمر مسيلمة الكذاب في بني حنيفة، ويبدو أنهم كانوا على استعداد للتجاوب مع زيفه وخداعه، وافتتن به الرجال بن عنفوة الذي هاجر إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأسلم وقرأ القرآن وحفظ بعض سوره، كان قد بعثه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى مسيلمة ليخذل عنه الأتباع، وليوضح جلية الأمر للناس في هذه الفتنة الغاشية، فما كان منه عندما وصل إليه إلا أن انقلب على وجهه وأخذ يشهد لمسيلمة أمام الناس أن رسول الله أشركه معه في النبوة، فكان هذا الشقي أشد فتنة على الناس من مسيلمة نفسه [3].
وقد ألمح رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حياته إلى سوء منقلب الرجال، فقد روى أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: جلست مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في رهط معنا الرجال بن عنفوة فقال: «إن فيكم لرجلاً ضرسه في النار أعظم من أحد». فهلك القوم وبقيت أنا والرجال فكنت متخوفًا لها، حتى خرج الرجال مع مسيلمة، فشهد له بالنبوة، فكانت فتنة الرجال أعظم من فتنة مسيلمة [4].
ثانيًا: الثابتون على الإسلام من بني حنيفة:
طغت أخبار ردة مسيلمة الكذاب باليمامة على غيرها من أخبار ثبات جماعات من [1] أسد الغابة، رقم الترجمة: 1049.
(2) حركة الردة للعتوم: ص 74. [3] نفس المصدر السابق: ص 75. [4] تاريخ الطبري: 6/ 106.
نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 264