نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 222
معاذ بن جبل إلى صنعاء، فارتضوا أن يكون هو الأمير عليهم، ولكنه لم يمكث إلا ثلاثة أيام بهم حتى بلغهم خبر وفاة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (1)
وكانت تفاصيل مقتل «العنسي» قد خرجت من صنعاء فوصلت إلى الصديق بعد أن خرج جيش أسامة، وكان هذا أول فتح أتى أبا بكر وهو في المدينة [2].
ب- وعيَّن أبو بكر «فيروز الديلمي» واليًا على صنعاء وكتب إليه بذلك، ولم يولِّ أبو بكر قيسًا؛ لأنه كان ممن مالأ الأسود العنسي وتابعه مخلصًا -عصبية لمذجح أو رغبة في الزعامة- وكان مبدأ أبي بكر عدم الاستعانة بمن ارتد [3]، وجعل كل من داذويه وجشيش وقيس بن مكشوح مساعدين لفيروز، فتغيرت نفس قيس بن مكشوح المرادي فعمل على قتل زعماء الأبناء الثلاثة، وقد تمكن من قتل «داذويه» -سواء بنفسه أو بإيعاز منه - فتنبه لذلك «فيروز» فهرب إلى أخواله في «خولان» [4]، فما كان من قيس إلا أن أثارها عصبية جنسية فحاول جمع زعماء بعض القبائل ضد «الأبناء» مدعيًا أنهم متحكمون فيهم، وأنه يرى قتل رؤسائهم وإجلاء بقيتهم، ولكن أولئك الزعماء وقفوا على الحياد فلم ينحازوا إليه ولا إلى الأبناء، وقالوا له: أنت صاحبهم وهم أصحابك، فلما يئس منهم عاد فكاتب فلول «الأسود العنسي» سواء الذين بقوا متذبذبين بين صنعاء ونجران أو ممن انحاز إلى لحج، فطلب منهم الالتقاء بهم ليكونوا جميعًا على أمر واحد وهو نفي «الأبناء»، فلم يشعر أهل صنعاء إلا وهم محاطون بتلك الفلول، ثم حرص «قيس» على تجميع «الأبناء» تمهيدًا لنفيهم [5].
وعندما وصل فيروز الديلمي إلى خولان كتب من هناك إلى أبي بكر يخبره بما حصل من قيس، فما كان منه إلا أن كتب إلى الزعماء الذين كتب إليهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكانت صيغة الكتاب واضحة صريحة وهي: «أعينوا الأبناء على من ناوأهم وحوطوهم، واسمعوا من فيروز، وجِدُّوا معه فإني قد وليته» [6].
(1) تاريخ الطبري: 4/ 56. [2] البلاذري، فتوح البلدان: 1/ 127. [3] اليمن في صدر الإسلام: ص 275. [4] تاريخ الطبري: 4/ 140. [5] تاريخ الطبري: 4/ 140؛ اليمن في صدر الإسلام: ص 264. [6] تاريخ الطبري: 4/ 140.
نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 222