responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 150
نعمة الله كفرًا، وأحلت قومها دار البوار، فنزلت قوتها، وتلاشت حضارتها. (1)
إن الصديق - رضي الله عنه - استوعب سنن الله في المجتمعات وبناء الدول وزوالها، وفهم أن زوال الدول يكون بالترف والفساد، والانغماس في الفواحش والموبقات قال تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} [الإسراء: 16]، أي: أمرناهم بالأمر الشرعي من فعل الطاعات وترك المعاصي فعصوا وفسقوا فحق عليهم العذاب والتدمير جزاء فسقهم وعصيانهم. وفي قراءة: {أَمَّرْنَا" [2] بالتشديد أي: جعلناهم أمراء. والترف وإن كان كثرة المال والسلطان من أسبابه، إلا أنه حالة نفسية ترفض الاستقامة على منهج الله وليس كل ثراء ترفًا [3].
إن سياسية الصديق في حربه للفواحش حري بحكام المسلمين أن يقتدوا به، فالحاكم التقي الذكي العادل هو الذي يربي أمته على الأخلاق القويمة؛ لأنه حينئذ سيقود شعبًا أحس طعم الآدمية، وجرى في عروقه دم الإنسانية، وأما إن سُلب الحاكم الذكاء وصار من الأغبياء .. أشاع الفاحشة في قومه، وعمل على حمايتها بالقوة والقانون، وحارب القيم والأخلاق الحميدة، ودفع بقومه إلى مستنقعات الرذيلة ليصبحوا كالحيوانات الضالة والقطعان الهائمة، لا هم لها إلا المتاع والزينة الخادعة، فيصبحوا بعد ذلك أقزامًا، قد ودعوا الرجولة والشهامة. [4] ويصدق فيهم قول الله تعالى: {وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل: 112].
هذه بعض التعليقات التي فتح الله بها بما ترى على البيان الذي ألقاه الصديق للأمة، والذي رسم فيه سياسة الدولة، فحدد مسئولية الحاكم ومدى العلاقة بينه وبين المحكومين، وغير ذلك من القواعد المهمة في بناء الدولة وتربية الشعوب، وهكذا قامت الخلافة الإسلامية، وتحدد مفهوم الحكم تحديدًا عمليًا، وكان حرص الأمة على منصب الخلافة واختيار الخليفة على هذه الصورة، ومسارعة الناس إلى الرضا بذلك, دليلاً على

(1) تاريخ الدعوة إلى الإسلام: ص 252.
[2] تفسير ابن كثير: 5/ 85.
[3] منهج كتابة التاريخ الإسلامي، محمد هامل: ص 65.
[4] تاريخ الدعوة إلى الإسلام: ص 253.
نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 150
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست