نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 136
يخلفه في أمته بعد وفاته، لا يحيد عن ذلك قيد شعرة، ولا يساوم فيه أحدًا، ولا يخاف
لومة لائم.
ويمتاز بالزهد فمتاع الدنيا والتمتع به، زهدًا لا يتصور فوقه إلا عند إمامه وهاديه سيد الأنبياء عليه الصلاة والسلام، وأن لا يخطر بباله تأسيس الملك والدولة وتوسيعهما لصالح عشيرته وورثته، كما اعتادت ذلك الأسر الملوكية الحاكمة في أقرب الدول والحكومات من جزيرة العرب؛ كالروم والفرس [1].
وقد اجتمعت هذه الصفات والشروط كلها في سيدنا أبي بكر - رضي الله عنه -، كما تمثلت في حياته وسيرته في حياة الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل الخلافة وبعد الخلافة إلى أن توفاه الله تعالى، بحيث لا يسع منكرا أن ينكره أو مشككا يشكك في صحته، فقد تحقق بطريق البداهة والتواتر [2].
هذا وقد قام أهل الحل والعقد في سقيفة بني ساعدة ببيعة الصديق بيعة خاصة ثم رشحوه للناس في اليوم الثاني، وبايعته الأمة في المسجد البيعة العامة [3].
وقد أفرز ما دار في سقيفة بني ساعدة مجموعة من المبادئ، منها: أن قيادة الأمة لا تقام إلا بالاختيار، وأن البيعة هي أصل من أصول الاختيار وشرعية القيادة، وأن الخلافة لا يتولاها إلا الأصلب دينا والأكفأ إدارة، فاختيار الخليفة يكون وفق مقومات إسلامية وشخصية وأخلاقية، وأن الخلافة لا تدخل ضمن مبدأ الوراثة النَّسَبية أو القبلية، وإن إثارة «قريش» في سقيفة بني ساعدة باعتباره واقعًا يجب أخذه في الحسبان، ويجب اعتبار أي شيء مشابه ما لم يكن متعارضًا مع أصول الإسلام، وأن الحوار الذي دار في سقيفة بني ساعدة قام على قاعدة الأمن النفسي السائد بين المسلمين؛ حيث لا هرج ولا مرج، ولا تكذيب ولا مؤامرات ولا نقض للاتفاق، ولكن تسليم للنصوص التي تحكمهم حيث المرجعية في الحوار إلى النصوص الشرعية [4]. [1] المرتضى، سيرة أبي الحسن علي بن أبي طالب: 65، 66. [2] سيرة أبي الحسن علي بن أبي طالب: 67. [3] الخلافة والخلفاء الراشدون: 66، 67. [4] دراسات في عهد النبوة والخلافة الراشدة للشجاع، 256.
نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 136