نام کتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 83
طالب رضي الله عنه الأحق بالخلافة، وأنَّه الوصي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتنظيم فرق في كل من البصرة، والكوفة، ومصر، أربع فرق من كلِّ مصر ممّا يدل على التَّدبير المسبق، وأوهموا أهل المدينة: أنهم ما جاؤوا إلا بدعوة الصَّحابة، وصعَّدوا الأحداث، حتى وصل الأمر إلى القتل [1]، وإلى جوار هذه الوسائل استخدموا مجموعة من الشعارات منها: التّكبير ومنها: أنَّ جهادهم هذا ضدَّ المظالم، ومنها: أنَّهم لا يقومون إلا بالأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر، ومنها: المطالبة باستبدال الولاة، وعزلهم، ثمَّ تطورت المطالبة إلى خلع عثمان، إلى أن تمادوا في جرأتهم وطالبوا، بل سارعوا إلى قتل الخليفة، وخاصَّة حينما وصلهم الخبر بأنَّ أهل الأمصار قادمون لنصرة الخليفة، فزادهم حماسهم المحموم لتضيق الخناق على الخليفة، والشوُّق إلى قتله بأيِّ وسيلة [2].
ك ـ دور عبد الله بن سبأ في تحريك الفتنة:
في السَّنوات الأخيرة من خلافة عثمان رضي الله عنه بدت في الأفق سمات الاضطراب في المجتمع الإسلامِّي نتيجة عوامل التَّغيير التي ذكرنها، وأخذ بعض اليهود يتحيَّنون فرصة الظهور مستغلِّين عوامل الفتنة، ومتظاهرين بالإسلام، واستعمال التَّقيَّة، ومن هؤلاء: عبد الله بن سبأ الملقَّب بابن السَّوداء وإذا كان ابن سبأ لا يجوز التَّهويل في شأنه كما فعل بعض المغالين في تضخيم دوره في الفتنة [3]، فإنه كذلك لا يجوز التَّشكيك فيه، أو الاستهانة بالدَّور الذي لعبه في أحداث الفتنة، كعامل من عواملها، على أنَّه أبرزها، وأخطرها، إذ أنَّ هناك أجواء للفتنة مهَّدت له، وعوامل أخرى ساعدته، وغاية ما جاء به ابن سبأ آراء، ومعتقدات ادّعاها، واخترعها من قبل نفسه، وافتعلها من يهوديَّته الحاقدة، وجعل يروِّجها لغاية ينشدها، وغرض يستهدفه، وهو الدس في المجتمع الإسلامي بغية النَّيل من وحدته، وإذكاء نار الفتنة، وغرس بذور الشِّقاق بين أفراده، فكان ذلك من جملة العوامل التي أدَّت إلى قتل أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه وتفرُّق الأمة شيعاً وأحزاباً [4].
وخلاصة ما جاء به أن أتى بمقدِّمات صادقة، وبنى عليها مبادئ فاسدة راحت لدى السُّذَّج، والغلاة، وأصحاب الأهواء من النَّاس، وقد سلك في ذلك مسالك ملتوية لبَّس فيها على من حوله، حتى اجتمعوا عليه، فطرق باب القرآن بتأوّله على زعمه الفاسد، حيث قال: لَعَجبٌ ممَّن يزعم أنَّ عيسى يرجع، ويكذَِب بأن محمَّداً يرجع، وقد قال تعالي: ((إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ)) (القصص، آية: 85) فمحمد أحق بالرجوع من عيسى [5]، كما سلك طريق القياس الفاسد من ادِّعاء إثبات الوصَّية لعليٍّ رضي الله عنه بقوله: إنَّه كان ألف نبيِّ، ولكل نبيٍّ وصيٌّ، وكان عليُّ وصيَّ محمد، ثمّ [1] دراسات في عهد النبوة صـ 401. [2] المصدر نفسه صـ 402. [3] مثال سعيد الأفغاني في كتابه عائشة والسياسة. [4] تحقيق مواقف الصحابة (1/ 327). [5] تاريخ الطبري (5/ 247)
نام کتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 83