نام کتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 80
على عثمان، وفشت المقالة في ذلك في أتباعهم، وتناولوا بالظُّلم في جهاتهم، وانتهت الأخبار بذلك إلى الصَّحابة بالمدينة، فارتابوا، وأفاضوا في عزل عثمان، وحمله على عزل أمرائه، وبعث إلى الأمصار من يأتيه بالخبر .. فرجعوا إليه فقالوا: ما أنكرنا شيئاً، ولا أنكره أعيان المسلمين ولا عوامُّهم [1].
ش ـ توقُّف الفتوحات بسبب حواجز طبيعية أو بشرية:
حيث توقَّفت الفتوح في أواخر عهد عثمان أما حواجز طبيعية أو بشرية لم تتجاوزها، سواء في جهات فارس، وشمالي بلاد الشَّام، أو في جهة إفريقية، توقفت الغنائم على أثرها، فتساءل الأعراب، أين ذهبت الغنائم القديمة؟ أين ذهبت الأراضي المفتوحة التي يعدونها حقاً من حقوقهم [2]، وانتشرت الشائعات الباطلة التي اتهمت عثمان رضي الله عنه بأنه تصرف في الأراضي الموقوفة على المسلمين وفق هواه، وأنه أقطع منها لمن شاء من النَّاس، وقد كان لها أثر، وواقع على الأعراب، وخاصة وأنَّ معظمهم بقي بدون عمل يقضون شطراً من وقتهم في الطعام، والنَّوم والشطر الآخر بالخوض في سياسة الدّولة، والحديث عن تصرُّفات عثمان التي كانت تهوِّلها السبئيَّة، وقد أدرك أحد عمّال عثمان هذا الأمر، وهو عبد الله بن عامر، فأشار على الخليفة حيث طلب من عماله ـ وهم وزراؤه، ونصحاؤه ـ أن يجتهدوا في آرائهم، ويشيروا عليه، فأشار عليه أن يأمر النَّاس بالجهاد ويجمرهم في المغازي حتَّى لا يتعدَّى همُّ أحدهم قمل فروة رأسه، ودبر دابته [3]، وفي ذلك الجو من الحديث، والفكر عند أفراد تعوَّدوا الغزو، ولم يفقهوا من الدِّين شيئاً كثيراً يمكن أن يتوقع كلُّ سوء ويكفي أن يحرّك هؤلاء الأعراب، وأن يُوجَّهوا توجيهاً، فإذا هم يثورون، ويحدثون القلاقل والفتن، وهذا ما حدث بالفعل، فإنَّ الأعراب ـ بسبب توقف الفتوحات ـ ساهموا في بوادر الفتنة الأولى، وكان سبباً من أسباب اندلاعها [4].
ص ـ المفهوم الخاطيء للورع بتحريم الحلال:
الورع في الشريعة طيِّبٌ، وهو أن يُترك ما لا بأس به، ومخافة ممَّا فيه بأس، وهو في الأصل ترفع عن المباحات في الله، والله، والورع شيء شخصي يصحُّ للإنسان أن يطالب به نفسه، ولكن لا يصح أن يطالب به الآخرين، ومن أخطر أنواع الورع: الورع الجاهل الذي يجعل المباح حراماً، أو مفروضاً، وهذا الذي وقع فيه أصحاب الفتنة [5]، فقد استغلَّ أعداء الإسلام يومها مشاعرهم هذه، ونفخوا فيها، فرأوا فيما فعله عثمان من المباحات، أو المصالح خروجاً على الإسلام، وتغييراً لسنَّة من سبقه، وعظمت هذه المسائل في أعين الجهلة، فاستباحوا أو أعانوا من استباح ـ دم الخليفة الراشد عثمان بن عفّان رضي الله عنه وفتحوا على المسلمين باب الفتنة إلى اليوم [6]. [1] تاريخ ابن خلدون (2/ 477). [2] تحقيق مواقف الصحابة (1/ 344). [3] تاريخ الطبري (2/ 340). [4] تحقيق موقف الصّحابة في الفتنة (1/ 353). [5] الأساس في السنة (4/ 1676). [6] أحداث وأحاديث فتنة الهرج صـ 517.
نام کتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 80