نام کتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 655
الفتنة ولم يشاركوا فيها، فعن ابن عون قال: كان مسلم بن يسار أرفع عندأهل البصرة من الحسن حتى خف مع ابن الأشعث وكف الحسن، فلم يزل أبو سعيد ـ يعني الحسن ـ في علو منها [1]، وقد أسهمت حركة ابن الأشعث ـ بنهايتها بتلك الصور ـ في إقناع كثير ممن كان يرى استخدام القوة وحمل السيف لتغيير الجور والظلم الواقع من الولاة بعدم جدواها ولذلك قال ابن تيمية عقب الحديث عن ما حدث من فتن وقعت باجتهاد من بعض أهل العلم والصلاح، كخروج الحسين بن علي رضي الله عنه، وفتنة خروج أهل المدينة ووقعة الحرّة وفتنة ابن الأشعث قال: ولهذا استقر مذهب أهل السنة على ترك القتال في الفتنة للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم، ويأمرون بالصبر على جور الأئمة وترك قتالهم [2]، وقال ابن حجر في ترجمة أحد هؤلاء الذين كانوا يرون السّيف: كان يرى الخروج بالسّيف على أئمة الجور، وهذا مذهب للسَّلف قديم، لكن استقر الأمر على ترك ذلك لما رأوه أفضى إلى أشدّ منه، ففي وقعة الحرّة ووقعة ابن الأشعث ـ يعني: دير الجماجم ـ وغيرها عظة لمن تدبر [3].
س ـ ظهور بدعة الإرجاء: أو نوع منه وهو ما يسمى (إرجاء الفقهاء نسبة إلى بعض الفقهاء الذين يقولون بأن الإيمان قول بلا عمل، وأنه لا يزيد ولا ينقص، فالإيمان عندهم واحد يستوي فيه كل من اعتقده بقلبه وقال بلسانه، حيث يخرجون الأعمال ـ التي يتفاضلوا فيها المؤمنون ـ عن الإيمان، فيستوي عندهم، إيمان الصادقين الأولين كأبي بكر وعمر، وإيمان أفجر الناس كالحجّاج، وأبي مسلم الخراساني وغيرهما [4]، والذي دعا إلى الربط بين ظهور ذلك النوع من الإرجاء وحركة ابن الأشعث ما يشير إليه كثير من الذين كتبوا عن تاريخ الفرق حيث اشتهر عندهم قول قتادة: إنما أحدث الإرجاء بعد هزيمة ابن الأشعث [5]، وذكروا أن الكوفة كانت موطن الإرجاء الأول ثم إنتشر منها إلى سائر الأقطار [6] ويقول الدكتور ناصر العقل: أول ما ظهرت بدعة الإرجاء بعد فتنة ابن الأشعث سنة (83) [7]، وهو إرجاء العمل عن الإيمان ويسمى ((إرجاء الفقهاء))، وأول من قال به هو: ذر بن عبد الله المرهبي الهمداني، (مات قبل المائة [8] ثم ظهور القول بأن الإيمان قول: وأول من قال ذلك حماد بن أبي سليمان [9]، ت 120هـ واستقر إرجاء الفقهاء على ثلاثة أسس كلها مخالفة لقول السلف وهي: [1] الطبقات الكبرى (7/ 165). [2] منهاج السنة (4/ 529، 530)، الإمامة العظمة صـ512. [3] تهذي التهذيب (2/ 250). [4] الفتاوي (7/ 195). [5] الإبانة عن شريعة الفرقة الناحية (2/ 889). [6] الفتاوي (7/ 311)، القدرية والمرجئة للعقل صـ86، 116. [7] السنة لعبد الله بن حنبل (1/ 309). [8] السنة، لعبد الله (1/ 329). [9] الفتاوي (7/ 297، 311).
نام کتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 655