نام کتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 515
يقع في زمنه ولم يقر أحداً من أصحابه، ولم يشر في حديث واحد إلى فعله واختياره ولم يشرعه لأحد من أمته لا قولاً ولا فعلاً [1].
3 ـ البناء على القبور واتخاذها مساجد:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته عن البناء على القبور وتعظيمها بأي نوع من أنواع التعظيم، وأخبر صلى الله عليه وسلم أنه لا يفعل ذلك إلا شرار الخلق عند الله تعالى، فعن جندب بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس يقول: ... ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك [2]، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه ويبنى عليه [3]. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن من شرار الناس من تدركه الساعة وهم أحياء ومن يتخذ القبور مساجد. [4] ففي هذه الأحاديث التي مرت النهي الصريح عن أي نوع من أنواع التعظيم للقبور ومن ذلك، النهي عن اتخاذها مساجد، والنهي عن مجرد البناء عليها، وعن تجصيصها، والكتابة عليها، وقد توجه النهي أول ما توجه إلى قبور الأنبياء والصالحين، لماذا؟ لأنها هي التي يخشى الغلو في أربابها عكس قبور سائر الناس، والفتنة لها أعظم من غيرها. وهذا هو الواقع المشاهد فإنه ما من مشهد إلا ويزعم أنه بني على ولي صالح، ذي مناقب وكرامات عظيمة يرجى نفعه ويخاف انتقامه، أو يزعم أنه على نبي من أنبياء الله كما ظهر ذلك تخميناً في أماكن كثيرة من بلاد الله، ولكثير من الأنبياء مع تصريح العلماء أنه لا يُعلم على التحقيق واليقين إلا قبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وزاد بعضهم قبر الخليل عليه في الموضع المشهور باسمه في فلسطين [5].
وقد قال النووي في تعليقه على حديث رسول الله السابق: قال العلماء: إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ قبره مسجداً خوفاً من المبالغة في تعظيمه، والافتتان به، فربما أدى ذلك إلى الكفر كما جرى لكثير من الأمم الخالية ولما احتاجت الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين والتابعون إلى الزيادة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كثر المسلمون وامتدت الزيادة إلى أن دخلت بيوت أمهات المؤمنين فيه ومنها حجرة عائشة رضي الله عنها، مدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، بنوا على القبر حيطاناً مستديرة حوله لئلا يظهر في المسجد، فيصلي إليه العوام ويؤدي إلى المحذور، ثم بنوا جدارين من ركني القبر الشماليين وحرفوهما حتى التقيا حتى لا يتمكن أحد من استقبال القبر، ولهذا قال في الحديث. ولولا ذلك أبرز قبره غير أنه خشى أن يتخذ مسجداً. والله أعلم بالصواب [6]، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتسوية القبور [1] السراج الوهاج (5/ 116) القبورية في اليمن صـ77. [2] شرح النووي على مسلم (5/ 13). [3] شرح النووي (7/ 37). [4] المصدر نفسه. [5] الفتاوى (27/ 140). [6] شرح النووي على مسلم (5/ 12 ـ 13).
نام کتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 515