نام کتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 340
في الأسواق بسعر أقل، لكي تزداد الدول الطاغية غنى ويزداد الفقراء فقراً وذلاً وضياعاً باسم ((النظام العالمي الجديد)). ومآثره كذلك إمداد إسرائيل بكل وسائل العدوان وحرمان الدول العربية من إمكانية صد العدوان، وأما أصحاب الرسالات السماوية السابقة من اليهود والنصارى فماذا نشروا في الأرض؟ فأما اليهود فقد حولوا دينهم إلى عصبية خاصة ببني إسرائيل، لا يحبون نشره في الأرض لكي يبقى الإله خالصاً لهم لا يشاركهم فيه أحد من الناس، وأما النصارى فمنذ بولس وهم يسعون إلى نشر دينهم على نطاق واسع فأي شيء نشروه؟، لقد نشروا باديء ذي بدء ديناً وثنياً بدلاً من الدين الرباني الذي أنزله الله على عيسى بن مريم. ديناً يعبد فيه عيسى وروح القدس جبريل عليه السلام مع الله: قال تعالى ((لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ)) (المائدة، الآية: 72). وقال تعالى: ((لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ)) (المائدة، الآية: 73).
وقال تعالى: ((مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ)) (آل عمران، الآيتان: 79، 80). ونشروا ديناً يدعو إلى الرهبانية، وإهمال الحياة الدنيا واحتقار الجسد ودوافعه فنشأ عنه تعطيل دفعة الحياة وإهمال عمارة الأرض، ثم نشأ عنه رد فعل أسوأ: إنكباب على لذائذ الجسد وماديات الحياة [1]، قال تعالى: ((وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ)) (الحديد، الآية: 27)، ونشأ مع ذلك الدين نظام كهنوتي يتمثل في الكنسية ورجالها على رأسهم البابا يمارس ألواناً من الطغيان البشع في جميع نواحي الحياة، ويعادي الفكر ويحجر على العقل، ويضطهد العلماء ويمنعهم من البحث العلمي التجريبي أو النظري، فتأخرت الحياة في كل جانب، ثم حدث رد فعلٍ أسوأ، تمثل في الإلحاد وإقامة الحياة على مبعدة من الدين، بل في عداء مع الدين، وهكذا تحولت رسالة السماء على يد الكنيسة إلي غير ما نزلت من أجله، ونشرت الفساد بدلاً من الإصلاح، سواء في الفترة التي كانت تمارس سلطانها على الناس، أو في الفترة انقلب فيها الناس على سلطانهم ورفضوا الخضوع للدين ([2])،
وفي مقابل ذلك كان الإنسياح الإسلامي في الأرض فريداً في التاريخ، شيئاً غير التوسع ((الإمبراطوري)) الذي مارسته الجاهليات القديمة والحديثة، وغير الطغيان المفسد الذي مارسته النصرانية المحرفة وهي تتوسع في الأرض، في تلك الحركة الفريدة في التاريخ كان المسلمون ينشرون الهدى في مكان الضلال، والنور في مكان الظلام، والعبودية الصحيحة في مكان العبوديات الزائفة للحكام والكهنة والأوثان، ويحررون المستعبدين في الأرض، [1] كيف نكتب التاريخ الإسلامي صـ119. [2] المصدر نفسه صـ120 ..
نام کتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 340