responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتح القسي في الفتح القدسي = حروب صلاح الدين وفتح بيت المقدس نویسنده : عماد الدين الكاتب    جلد : 1  صفحه : 118
وقرأ كل قصة، وقرأها بكل حصة. وحقق الحقوق، ورتق الفتوق، وأقام للشرع السوق، وأتم لرجال الرجاء بعدله الوثوق. وحل بإنصافه كل مشكلة، وطب بإسعافه كل معضلة. وأصحت سماء
السماح، وأصحب جماح النجاح. وأعدى المستعدى، وأروى الصدى، وحيا الحي وأردى الردى، ومجد المجدي، ومهد الحق حتى قيل والمهدى. فما انقضى ذلك اليوم؛ وانفض أولئك القوم؛ إلا عن مظلوم أجير بالحق، ومعلوم أجرى من الرزق وعالم أعين، وطالم أهين. وهاد زين، وعاد شين، ومختل سدد، ومنحل عقد. ومعتل شفى، ومعتر كفي. وما حل جيد، وآمل زيد، وركن حق شد وشيد، وخدن باطل ابير وابيد. وراج أدنى فوزه، ولاج اسنى عزه.
وجلس يوما آخر للأكابر، والأماثل، والأكارم والأفاضل. فأضاء النادي، وفاضت الأيادي. وغدق الندى، وصدق الهدى. وكر الكرم، وفر العدم. وحفل الدر، ودر الحفل، وشمل النظام وانتظم الشمل، وصان العلماء بالبذل، وأعان بافضاله أعيان أهل الفضل. وفاز بالحمد وحاز الثناء. وأجاز الشعراء، وأكرم الكرماء، وروج الرجاء، وأولي النعماء، ونعم الأولياء. وتقاضاه عزمه بالحركة؛ لاستفاضة البركة، واستفاضة المملكة إلى المملكة فلم تستقر به دار، ولم يدر به قرار، ولم يثبت في جفنيه غرار. ولم يبت إلا وبين جنبيه لقاء العدا أهل النار نار.
وكان (الصفي بن القابض) قد استجد للسلطان على بعض أبراج القلعة دارا؛ وأذهب في نضارتها ذهبا ونضارا. وهي متطاولة بين البروج، مطلة على المروج. مشرفة على موازاة الشرفين، كاشفة غطاء النظر عن الغوطتين. صحيحة البناء، فسيحة الفناء. بهية البو شهية الزهو، مجددة لأهل الجد ذكرى اللهو. فرشها بماء الورد، وفرشها بالورد. وبسط بسطها وعلق ستورها، وأعلى نورها، وحبر حبورها. وسر سرورها. وسنى أنواع نمارقها وأسمى أنوار مشارقها. وتوصل إلى حضور السلطان بها وجلوسه، وذهبت تباشير بشره بخطوب الزمان وعبوسه. واحضره كل مقرظ بقريض وكل مؤمل بتصريح وتعريض. وكل ناشد ضالة رجائه بنشيد، وكل قاصد جلالة أرجائه بقصيد. وكل
مغرد مغرب، وكل مطر مطرب.
وظن أن السلطان تروقه تلك الحلية والحالة، وتلك الجلوة والجلالة. وتلك البقعة المؤسسة، وتلك الرقعة المقدسة. وذلك المشرف العالي، وذلك المشرف الحالي. وانتظر نظر استحسانه لإحسانه، وتوقع تمكينه لموقع مكانه. فما أعاره لحظا، ولا إزاره حظا. ولا لمحه بطرف استطراف، ولا منحه حرف استعطاف. بل أعرض بنظره عن تلك النضارة، وأغضى عن تلك الغضارة. وغض عن تلك الغضاضة، واشتعل عن تلك

نام کتاب : الفتح القسي في الفتح القدسي = حروب صلاح الدين وفتح بيت المقدس نویسنده : عماد الدين الكاتب    جلد : 1  صفحه : 118
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست