نام کتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 407
هذه المدن الإسلامية من الآداب والعلوم والفنون والمعالم الحضارية، وبقية القاهرة مكاناً هادئاً آمناً يهرع إليه العلماء والأدباء والفنانون حتى إكتسبت عاصمة المماليك مكانة ممتازة في هذا المجال إلى جانب مكانتها السياسية، التي برهنت على ما إكتسبه المماليك المسلمون من هيبة وقدرة في شئون السياسة والحرب، وإتضحت في علاقاتهم الخارجية والدولية الواسعة الإنتشار وفي إصلاحاتهم وإداراتهم الداخلية الحازمة [1]. 11 ـ ميلاد دولة المماليك الفتية: في الوقت الذي كانت قوات الحملة الصليبية السابعة تنزل على شاطيء البحر المتوسط أمام دمياط، كانت جحافل التتار بقيادة هولاكو تطوي بلدان المشرق الإسلامي وتقترب من عاصمة الخلافة العباسية الواهنة في بغداد، وإذا كانت إنتصارات المماليك في المنصورة وفارسكور سنة 648هـ/1250م هي صرخة الميلاد للدولة المملوكية، فإن معركة عين جالوت ـ التي حسرت المد المغولي ـ كانت تأكيداً للدور التاريخي الذي ينتظر دولة سلاطين المماليك، وهو دور القوة الضاربة المدافعة عن العالم الإسلامي [2]، وتمكنت الدولة الجديدة ـ بقيادة السلطان الظاهر بيبرس ـ أن تغير مصير المنطقة في أكثر من إتجاه إذ طاردت فلول المغول وقضت على بقايا الأيوبيين، كما أحاطت بالمستوطنات الصليبية من كل إتجاه، وعلى الرغم من الضجة التي أحدثها المغول في تاريخ المنطقة إلا أن خطرهم على العالم الإسلامي لم يكن كبيراً مثل خطر الصليبيين الذين كان الصراع ضدهم صراع وجود، ويتأكد هذا القرض من خلال الحقيقة القائلة: أن المغول الذين غزو المشرق الإسلامي لم يلبثوا أن إعتنقوا الإسلام، وصاروا من أكثر المدافعين عنه حماسة بعد جيلين فقط من هزيمة عين جالوت.
12 ـ الدور الرمزي للخلافة العباسية: تأكد الدور الرمزي والعاطفي للخلافة العباسية، فقد كان إحياء الخلافة العباسية في القاهرة سنة 659هـ/1261م بمثابة الحل السعيد الذي وجده السلطان الظاهر بيبرس لإضفاء الشرعية على دولته العسكرية التي قامت بدور هائل في تصفية الوجود الصليبي، وقد أثبتت الأحداث طوال عصر سلاطين المماليك أن الخلفاء العباسيين في القاهرة لم يكن لهم من الخلافة سوى إسمها، كما تحددت إقامة [1] جهاد المماليك صـ357. [2] ماهية الحروب الصليبية صـ192.
نام کتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 407