نام کتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 378
وقت الشدة ومصمم على بلوغ النصر مهما كانت العقبات أمامه، ومتفهم لقدرة عدوه ومقدر لقوة الصديق، وكان لكل شيء حسابه، ويدقق المعلومات ويحافظ على مرؤوسيه ويستميلهم بأسلوبه الجذاب، ويتعاون مع أركانه ويعطيهم الثقة، ويمنحهم المساعدة والعطاء، وكان منظماً قاد الكتلة الرئيسية من الجيش في معركة عين جالوت، فنظم الميمنة والميسرة والقلب، وأناط لكل جناح قائداً شجاعاً ونسق الصفوف إلى عدة تراتيب، وجعل الميمنة تتقدم بالإحاطة والميسرة بالإلتفاف والقلب بالتقدم البطيء الزاحف، كما بث الحرس المتحرك على الأجناب والكمائن في المواقع التي لا يتوقعها العدو، مما جعله يتمكن من عدوه، ويقضي عليه بعد أن استدرجه للوقوع في النقطة الميتة التي وقع فيها عدد كبير من قتلى المغول، ولقد حدد قطز قواعد وأسس الشئون الإدارية في الجيش المملوكي، إذ إستطاع أن ينظمها ويحدد خطوطها العريضة بخاصة فيما يتعلق بحركتيها وخفتها، وقد ظهر ذلك جلياً عندما حدد لصاحب حماه كيفية ونوع الإمداد، وعندما أكد على أن الجندي يجب أن يكون خفيف الحركة لا يثقله الطعام الكثير المتنوع فأمر بوضع قطعة من اللحم في مخلاة عسكرية (1)
ومما يشار إليه أن قطز كان متديناً عفيفاً، صاحب تقوى وورع، وهذه الصفة أكسبته الشجاعة والإقدام في الحروب، وجعلته يستبسل ويقدم روحه رخيصة، ويستهين بالموت، وبخاصة عندما قتل حصانه، واستمر في القتال دون جواد، وكان في مقدمة الجيش يقاتل عن حمية وعقيدة [2]، وكانت له مواقف إيمانية متميزة منها:
أ ـ وضوح الرؤية ونقا الهوية: كان على إعتقاد جازم بأن النصر لا يكون إلا من عنده سبحانه وتعالى، ولذلك إهتم قطز بالناحية الإيمانية عند الجيش وعند الأمة وعظم دور العلماء وحفز شعبه لحرب التتار من منطلق إسلامي وليس من منطلق قومي أو عنصري، ولخص ذلك في عين جالوت في كلمته العظيمة ((وا إسلاماه)) ولم يقل: ((وا مصراه))، أو ((وا ملكاه))، أو ((وا عروبتاه))، لقد كانت الغاية واضحة والهوية إسلامية تماماً، ووضوح الرؤية ونقاء الهوية كان سبباً من أسباب النصر، بل هو أعظمها على الإطلاق [3].
ب ـ الدعاء سلاح فتاك: حرص سيف الدين قطز قبل بدء المعركة أن يتأخر الناس في
(1) عين جالوت صـ128 .. [2] المصدر نفسه صـ128. [3] قصة التتار صـ353.
نام کتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 378