نام کتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 373
والعسكرية، فقد كانت السنوات العشر السابقة، مرحلة سيولة سياسية حكم خلالها خمسة من السلاطين، ثم اغتيال ثلاثة منهم، ونجا الاثنان الآخران بسبب صغر سنهما وانعدام خطورتهما، ولكن بيبرس استمر يحكم سبعة عشر عاماً، ومن ناحية أخرى، كانت دولة سلاطين المماليك في السنوات العشر الأولى من عمرها، تفتقر إلى الشرعية وتبحث عن الأمن في مواجهة تهديدات الأيوبيين وجاء إحياء الخلافة العباسية بالقاهرة بمثابة الحل السعيد، لمشكلة الشرعية، على حين كانت معركة عين جالوت هي الحل ـ النافع ـ لمشكلة الأمن وتهديدات الأيوبيين [1].
جـ ـ زيادة الاعتماد على المماليك: وكانت النتيجة الثالثة لاغتيال قطز في ازدياد اعتماد أمراء المماليك على مماليكهم بحيث يكونون عدتهم في الصراع الذي يمكن أن يحدث في أي وقت، فقد كان الأمراء الكبار وولاة الأقاليم يمتلكون جيوشاً صغيرة من المماليك تتراوح أعدادها ما بين ثلاثمائة، وستمائة مملوك، وربما زادت الأعداد لتصل إلى ثمانمائة مملوك واما السلاطين يهتمون بشراء أكبر عدد ممكن منهم، وبعد عصر بيبرس كان من الممكن أن تصل مشتريات السلطان من المماليك إلى ثمانمائة مملوك بخلاف المماليك الذين ينتقلون إلى خدمته وراثة عن السلطان السابق أو من مماليك كبار الأمراء الذين يتركون الخدمة بالوفاء وغيرها [2]، وهكذا تكرست الطائفية يبين العناصر المملوكية بالشكل الذي ترك آثاره السلبية على البناء السياسي لدولتهم على المدى الطويل، وربما كانت بذرة هذه الطائفية العسكرية الخطرة قد بذرت في حوادث الاغتيال الأولى التي شهدتها الدولة ومنها بطبيعة الحال حادث اغتيال السلطان سيف الدين قطز [3].
4 ـ قبر سيف الدين قطز وثناء العز بن عبد السلام عليه: يروى أبو المحاسن أن قطز: بقي ملقى بالعراء فدفنه، بعض من كان في خدمته بالقصير، وكان قبره يقصد للزيارة دائماً ... وكان كثير الترحم عليه والدعاء على من قتله، فلما بلغ بيبرس ذلك أمر بنبشه، ونقله إلى غير ذلك المكان وعفى أثره ولم يعف خبره [4]، وقال المقريزي: ودفن بالقصير، فكانت مدّة ملكة أحد عشر شهراً وسبعة عشر يوماً وحمل قطز بعد ذلك إلى القاهرة، فدفن بالقرب من [1] في تاريخ الأيوبيين والمماليك صـ209. [2] المصدر نفسه صـ209. [3] المصدر نفسه صـ210. [4] النجوم الزاهرة (7/ 86 ـ 87).
نام کتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 373