نام کتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 37
هذا وقد امتدت اليد الإنسانية إلى العقائد السماوية، بالتبديل والتحريف والتشويه، ابتداء من العقيدة التي أنزلت على آدم عليه السلام ومروراً بعقيدة إبراهيم وإسماعيل التي شوهت في الجزيرة العربية، وعقيدة موسى التي شوهت على أيدي اليهود، وانتهاء بعقيدة عيسى التي شوهت على أيدي "النصارى [1]، وقد أكد القرآن هذه الحقيقة في أكثر من موضع وكفى به قولاً وفصلاً وذلك في مثل قوله تعالى: "يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق، إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، فآمنوا بالله ورسله، ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خير لكم، إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد، له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا" ـ النساء، آية: 171 ـ وقال تعالى عن اليهود: "فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية، يحرفون الكلم عن مواضعه ... " ـ المائدة، الآية: 13 ـ.
سابعاً: تداعي المجتمع المغولي قبيل جنكيز خان:
1 ـ الفوضى في منغوليا: الواقع أنه باستثناء الترك الأويغور والخطا اللذين استقروا في جنوب منطقة الاستبس، وباستثناء منغوليا الأصلية، هوت بقية منغوليا إلى حالة بالغة من الشدة والاضطراب والهمجية، فلم يكن بين التتار والمغول والكرايت، والنايمان ما كان معروفاً باسم مدن البلاط، فليست مدن الأويغور سوى معسكرات مدورة تقوم حول مخيم الزعيم، والواضح أن هذا المعسكر ينقض إذا ارتحل الزعيم أو الخان ـ على أنه حدث عند ولادة جنكيز خان، أنه لم يكن بالاستبس المغولي أو ما يليها من الغابات شيء من هذه المعسكرات، ففي منغوليا، في منتصف القرن الثاني عشر الميلادي، لا نكاد نلتقي إلا بالدساكر الصغيرة التي ينزلها جماعات قليلة من الأسرات التي تمتهن الرعي وفي كثير من الأحيان لا نصادف إلا سكرة واحدة، وهذا مثال إنما نلمسه في نوع الحياة السائدة، أثناء حداثة جنكيز خان وأخوته، حينما تخلى عنهم أعمامهم، وأضحوا مضطرين إلى ممارسة الصيد، وحياة الكفاف [2]، والواقع أن الروابط السياسية والاجتماعية تمزقت في منتصف القرن الثاني عشر الميلادي، بسبب الفوضى التي استمرت زمناً طويلاً، فلم يكن للمغول التايجيوت ولا غيرهم خانات، فعاشوا في فوضى شاملة، لما حدث من التنازع بين التايجوت وجنكيز خان، ولما وقع من [1] المصدر نفسه صـ35. [2] المغول، د. السيد الباز العريني صـ38.
نام کتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 37