نام کتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 290
قدر واستمرت الدولة الأيوبية بالصورة التي كانت عليها في سنواتها الأخيرة لكان معنى ذلك نهاية أو سقوط فكرة الجهاد الإسلامي وترك الساحة للصليبيين يرسمون مستقبلها ومقدرات شعوبها كما يريدون، وإذن فإن إختفاء الدولة الأيوبية وقيام دولة المماليك مقامها كان التعبير العملي لرفض زوال فكرة الجهاد، ونخلص من هذا إلى القول بأن إختفاء الدولة الأيوبية، وقيام دولة المماليك مقامها كان رفضاً عملياً لسقوط فكرة الجهاد، كما كان أيضاً تأكيداً عملياً لقوة هذه الفكرة وضرورة إستمرارها حتى تحقق أهدافها كاملة، وخير للأجيال أن تستمر الفكرة حتى ولو على حساب سقوط الدولة والرجال مهما كانت درجة التعاطف مع هذه الدول وهؤلاء الرجال (1)
ب ـ ومن الظواهر السلبية: التي ساهمت في توقف حركة التجديد والإصلاح، تسلل قيم العصبية الأسرية إلى مدارس الإصلاح نفسها، إذ يستفاد مما كتبه مؤرخو تلك الفترة كابن الوردي وابن المستوفي، إن الأبناء والأحفاد تسلموا مشيخات هذه المدارس بعد وفاة المصلحين الآباء دون أن يكون لأولئك الأبناء والأحفاد المؤهلات العلمية والدينية والأخلاقية، الأمر الذي أحال مدارس الإصلاح إلى إقطاعات دينية، وعصبيات مذهبية، وأدى إلى إنصراف النابهين المثقفين من صفوفوها وإجتماع العامة فيما عرف باسم ((الطرق الصوفية)) الني إشتقت اسماءها من اسماء الآباء المؤسسين، كالطريقة القادرية والطريقة البيانيه والطريقة الرفاعية التي راحت تركز على الطقوس والأشكال بدل التربية والعلوم والأعمال [2]. 2 ـ الظلم: إن الظلم في الدولة كالمرض في الإنسان يعجل في موته، بعد أن يقضي المدة المقدرة له وهو مريض، وبإنتهاء هذه المدة يحين أجل موته، فكذلك الظلم في الأمة والدولة يعجل في هلاكها، مما يحدثه فيها من آثار مدمرة تؤدي إلى هلاكها، وإضمحلالها من خلال مدة معينة يعلمها الله هي الأجل المقدر له، أي الذي قدره الله بموجب سنته العامة التي وضعها لآجال الأمم بناء على ما يكون فيها من عوامل البقاء كالعدل أو من عوامل الهلاك كالظلم الذي يظهر أثرها وهو هلاكها بعد مضي مدة محددة يعلمها الله [3]، قال تعالى:" ولكل
(1) الجبهة الإسلامية في مواجهة المخططات صـ395. [2] هكذا ظهر جيل صلاح الدين صـ323. [3] السنن الإلهية د. عبد الكريم زيدان صـ 121.
نام کتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 290