نام کتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 254
فيها بغداد عام 656 هـ على أيدي المغول، لقد كان الخطب عظيماً والحدث جلل، والأمة ضعفت ووهت بسبب ذنوبها ومعاصيها، ولذلك سلط عليها المغول، فهتكوا الأعراض، وسفكوا الدماء، وقتلوا الأنفس، ونهبوا الأموال، وخربوا الديار في تلك الظروف الصعبة والوهن المستشري في مفاصل الأمة ولد عثمان مؤسس الدولة العثمانية وهنا معنى لطيف ألا وهو بداية الأمة في التمكين هي أقصى نقطة من الضعف والانحطاط تلك بداية الصعود نحو العزة والنصر والتمكين، إنها حكمة الله وإرادته ومشيئته النافذة، قال تعالى (إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم إنه كان من المفسدين) (القصص، آية:4)، قال سبحانه تعالى (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين* ونمكن لهم في الأرض) (القصص، آية 5،6)، وكانت بداية التمكين لبني إسرائيل بمولد موسى عليه السلام ولا شك أن الله تعالى قادر على أن يمكن لعباده المستضعفين في عشية أو ضحاها، بل في طرفة عين وإنما أراد الله تعالى أن نتعلم ونراعى السنن الشرعية والسنن الكونية ولا بد من الصبر على دين الله، وإذا أراد الله شيئاً هيأ له أسبابه، وأتى به شيئاً فشيئاً بالتدرج لا دفعة واحدة وبدأت قصة التمكين للدولة العثمانية مع ظهور القائد عثمان الذي ولد في عام سقوط الخلافة العباسية في بغداد [1].
9 ـ موقف الشعراء من سقوط بغداد: كان هذا الحدث الجلل تأثيره العميق في نفوس المسلمين جميعاً، وكان أشد وقعاً وأعظم تأثيراً في نفوس الشعراء منهم، فنظموا المراثي التي تشيع الأسى في النفس وتثير الشجون وكان من تلك المراثي:
أ ـ تقي الدين بن أبي اليسر: قال تقيُّ الدين بن أبي اليسر قصيدته في بغداد وهي:
لسائلِ الدمعِ عن بغدادَ أخبار ... فما وُقُوفُك والأحباب قد ساروا
يا زائرين إلى الزوراءِ لا تَفِدُوا ... فما بذاك الحِمى والذَّار ديّارُ
تاجُ الخلافة والرّبعُ الذي شرُفت ... به المعالم قد عفَّاه إقفار
أضحى لعصف [2] البِلى في ربعه أثر ... وللدموع على الآثار آثارُ
يا نارَ قلبيَ من نارٍ لحرب وغى ... شبت عليه ووافي الرَّبع إعصار [1] الدولة العثمانية صـ47 للصّلاَّبي. [2] شذرات الذهب (7/ 469)
نام کتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 254