نام کتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 250
إن دراسة أسباب سقوط الدول وعوامل بنائها من الأمور المهمة التي تحتاجها الأمة في مشروعها الحضاري الذي يهدف لقيادة الإنسانية بالمنهج الرباني، وتحقيق استاذية العالم لهذه الأمة المجيدة.
ثامناً: نتائج سقوط بغداد: يعد سقوط بغداد، وانقراض الخلافة العباسية التي استمرت قائمة أكثر من خمسة قرون، من أكبر الرقائع التي حدثت في التاريخ، ولقد كان لهذا الحدث أسوأ الأثر في نفوس المسلمين جميعاً، واعتبرت هذه المأساة لطمة قاسية وبلاء شديداً سلط على رؤوسهم؛ إذ انتهكت حرمتهم على يد المغول أهل الكفر والشرك، الذين صوبوا طعنة نجلاء إلى مقام الخلافة وإلى أسرة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فلا غرو أن كان لهذا الحدث نتائج خطيرة [1]، نلخصها فيما يأتي:
1 ـ زوال النفوذ الأدبي والروحي: كان المسلمون يتطلعون إلى الخلافة على أنها رمز للممالك الإسلامية جميعهاً، يجب أن يظل قائماً وكانوا ينظرون إلى الخليفة نظرة إجلال واحترام وعلى كل هذا كان نفوذه الديني بعيد الأثر في نفوس المسلمين جميعاً وعلى الرغم من أن الخلافة، كانت قد فقدت منذ قرون جانباً كبيراً من قوتها المادية، فإنها كانت لا تزال تدخر قدراً كبيراً من سلطانها الأدبي والروحي، فلما سقطت بغداد، وقتل الخليفة، قضي على هذا النفوذ، وزال ما كان لتلك العاصمة من مكانة دينية ممتازة [2].
2 ـ بغداد مدينة ثانوية: كانت بغداد قبل حملة المغول مركزاً للنشاط السياسي في جميع أنحاء الشرق الإسلامي، يؤمها وفود الحكام والأمراء المسلمين، وكانت الروابط تربط بينها وبين مختلف العواصم، فلما سقطت في أيدي المغول، صارت مدينة ثانوية، يعين عليها، وال، وانتقل النشاط كله إلى مدن الشمال في أذربيجان، إذ أنها أخذت تلعب دور العواصم، ففقدت بغداد بذلك أهميتها السياسية، يقول رنسيمان: أخذت بغداد تستعيد رويداً رويداً نظافتها وتعود إلى سابق عهدها من النظام والترتيب، على أنها لم تعد بعد أربعين سنة سوى مدينة إقليمية وافرة الرخاء لا تتجاوز عشر حجمها السابق [3]، وبسقوط هذه المدينة دخل [1] المغول في التاريخ للصياد صـ279. [2] المصدر نفسه صـ280. [3] المغول في التاريخ للصياد صـ280 تاريخ الحروب الصليبية (3/ 522).
نام کتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 250