نام کتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 149
البعض الآخر بسرعة أكبر، ولا تسقط الدولة بضربة واحدة بل بتضافر جملة من العوامل [1]، وهذا ما حدث للدولة الخوارزمية التي زالت من الوجود في المشرق الإسلامي بعد الإجتياح المغولي لديار المسلمين وأهم هذه الأسباب في نظري.
1 ـ فشل الخوارزميين في إيجاد تيار حضاري: صدر عن الملوك الخوارزميين خطأ كبير وذلك أنهم بذلوا كل قواهم في توسيع رقعة الملك، ودعمه وقمع الحصون، ولم يبذلوا أي إهتمام بتبليغ رسالة الإسلام إلى ذلك القسم البشري الذي يعيش بجوار حدودهم، وكان بنفسه عالماً مستقلاً، وبصرف النظر عن الدافع الديني والواجب الإسلامي، كان مُقتضى الحزم السياسي وبعد النظر، أن يعنوا بإيجاد الإنسجام العقائدي مع هذه الدنيا الإنسانية الواسعة، وبذلك يكونوا قد أقاموا حولهم سياجاً، يحفظهم عن ذلك الخطر الذي لم يواجههم وحدهم فحسب، بل اكتسح المسلمين كلهم [2]، ولم يستطع الخوارزميون أن يقدموا مشروعاً حضارياً يجدد حيوية الدولة ويرسم أهدافها ويدفعها بقوة نحوها، وإنما دخلوا في أنفاق مظلمة انتهت بزوال دولتهم، لقد اتسعت الأرض التي يقومون فوقها، ولم يستطيعوا تحويل المناوئين لهم إلى عاملين معهم في مجال الدعوة ونشر الإسلام ودعوة الأمم وتعليمها وتربيتها على الإسلام الصحيح وتعليم الشعوب دين الله سواء باللغة العربية وبترجمة حقيقة الإسلام للغات الشعوب المسلمة، فقد كان المطلوب منهم تحقيق التوازن بين الدولة والدعوة، والأرض والعقيدة، والسياسة والفكر، وكانت هذه رسالة عظمى، لم يتقدم فيها الخوارزميون كما تقتضي الظروف والتحديات، وكما تقتضي الملائمة للتحدي، وهذا الخطأ الكبير، فحقيقة الأمرأنهم لم يبعثوا بتيار حضاري يتمم تيارات الفتوحات ويكمله، ويمتص كل حركات الخروج والفتن فهكذا التاريخ الحضاري دائماً إما أن تتقدم أو تموت ولا سكون في تاريخ الإنسانية [3]. 2 ـ كره الشعب لنظام الحكم وعدم ولائه: لم يستطع سلاطين الخوارزميين توحيد شتات العالم الإسلامي في المشرق، بل كان حكمهم بغيضاً في جميع أقاليم شرق العالم الإسلامي ولم يحظ حكمه بالقبول في بلاد الجبل، ولا بلاد خراسان، وأقاليم مقاطعاته [1] في التفسير الإسلامي للتاريخ للسمرائي صـ128. [2] رجال الفكر والدعوة (1/ 280). [3] بنو أمية بين السقوط والانتحار صـ98، الدولة الأموية للصلابي (2/ 582).
نام کتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 149