واستولى عليها وعلى القلعة، ودفع أخاه ثمالا عنها، وعوّضه عن حلب بوساطة من توسّط بينهما الرحبة، وبالس، ومنبج، وأعمالها [1].
[نصر يكتب لرومانوس بإظهار الطاعة ويوسّط قطبان أنطاكية]
ثم إنّ نصر بن صالح كتب إلى الملك يتعبّد له ويستعطفه، ويعتذر إليه، ويسأله أن لا يبعده عن عبوديّته، وأن يجريه على ما كان أبوه عليه وغيره ممّن ملك حلب، مع من تقدّمه من أسلافه الملكين الماضيين باسيل وقسطنطين، ويبذل الخدمة له والمسير قدّام جيوشه وعساكره برجاله وأصحابه إلى حيث اتّجه من بلاد الشام بغير مؤنة ولا كلفة يلزمها له والمجاهرة بطاعته وموالاته، وأن يجعله في حلب كأحد ولاته الذين في بلاد مملكته، وأنه يسير تحت طاعته وإجابته، فيما يعوّل عليه فيه من خدمه. وسأل القاضي رسول الملك المعتقل عنده بحلب الشفاعة له والمكاتبة عنه بهذا المعنى. وورد إلى أنطاكية في الحال قطبان عليها نيقيطا [2] الخادم البطريق الرقطر، وسأله أيضا الشفاعة له، وتوسّط حاله مع الملك [3]، واستقرّت الحال في ذلك على ما سيأتي ذكره.
[ابن مشرّف الرادوفي يستولي على جبل الروادف]
وكان نصر ابن مشرّف الرادوفي قد استولى على جميع المسلمين الساكنين جبل الرواديف [4] وما يليه، فيما هو تحت أيدي الروم، وعلى ما في ذلك الجبل من الضياع، واستفحل أمره،
[القبض على الرادوفي وحبسه]
وحمل إلى أنطاكية مقبوضا عليه، وحبس مديدة واستتيب، وشرط عليه التصرّف بحسب ما يقتضيه منه لهم [1] الخبر في زبدة الحلب 1/ 245. [2] في زبدة الحلب 1/ 246 «نقيطا» وتفسيره بالعربية: الدويك، وهو عند «هونيغمان. Niketas :« [3] ذكر ابن العديم أن شبل الدولة نصر راسل قطبان أنطاكية ولاطفه إلى أن صالحه، وجعله سفيرا بينه وبين ملك الروم في طلب الهدنة، فاستقرّ أن يحمل نصر في كل سنة إلى ملك الروم دراهم خمسمائة ألف درهم، في نجمين من السنة، قيمتها ثمانية آلاف مثقال ذهب. (زبدة الحلب 1/ 247) وانظر: اتعاظ الحنفا 2/ 180. [4] جبل الرواديف: من نواحي أنطاكية. نرجّح أنه أخذ اسمه من عسكر الصوائف الذي أردف به عبد الملك بن مروان المسالح من أجل مراقبة الجراجمة في تلك النواحي، فسمّوا بالرواديف وأجرى على كل امرىء منهم ثمانية دنانير. (فتوح البلدان 1/ 191).