نام کتاب : تاريخ الجزائر المعاصر نویسنده : الزبيري، محمد العربي جلد : 1 صفحه : 44
المعتقلين السياسيين سواء كانوا محبوسين أو في الإقامة الجبرية، لأن التقاليد الجمهورية، في فرنسا، تقتضي أن يسبق كل إنجاز تحرير الذين سجنوا من أجله.
لقد ظلت اللجنة تستمع إلى أعيان الجزائريين وشخصياتهم طيلة الفترة الممتدة ما بين 21/ 12/1943 و 8/ 7/1944، لكن اللجنة الفرنسية للتحرير الوطني لم تعر كثير اهتمام لمحاضرها، بل إن الجنرال ديغول لم يحاول حتى تطوير خطابه الذي كان في أساس تشكيل اللجنة المذكورة، وبدلاً من أن يأخذ في الاعتبار التوجه الوطني الجديد الذي أجمع قادته على ضرورة تجاوز الماضي العقيم لفتح آفاق المستقبل الواعد، فإنه لم يجد غير نص أمرية أصدرها على عجل بتاريخ السابع مارس سنة أربع وأربعين وتسعمائة وألف دون أن يجهد نفسه لإزالة ما تميز به من غموض وتناقض.
فالمادة الأولى من تلك الأمرية تنص صراحة على أن المسلمين وغير المسلمين في الجزائر فرنسيون، يتمتعون بنفس الحقوق ويخضعون لنفس الواجبات. لكن المادة الثالثة تؤكد أن المواطنة الفرنسية لا تعطى إلا للمسلمين الذكور الذين يتجاوز سنهم واحدة وعشرين حجة والذين ينتمون إلى مجموعة من الفئات الاجتماعية التي تتوفر فيها شروط ذكر مدير الشؤون الأهلية، بعد الإحصاء، أنها تجعل المستفيدين من تلك المواطنة لا يزيد عددهم عن 65.285 شخص.
أما المادة الرابعة، فإنها تشير إلى بقاء الهيأتين الانتخابيتين وتؤكد تمثيل الجزائريين في المجالس العامة والمندوبيات المالية بنسبة خمسي (2/ 5) أعضائها.
وتنص المادة السادسة على أن سكان وادي ميزاب وسكان سائر المناطق الصحراوية يخضعون لقانون خاص.
إن هذه الأمرية، زيادة على التناقض الحاصل بين موادها، تتناقض من حيث مضمونها مع خطاب الموقع عليها الذي ألقاه بمناسبة انعقاد ندوة برازفيل في الفترة ما بين 30/ 1/ و 8/ 2/1944 والذي جاء فيه على الخصوص: "إنه لن يكون هناك تقدم بمعنى الكلمة إذا كان أبناء البلد لا يستفيدون منه معنوياً ومادياً" (17) وعلى الرغم من ذلك فإنها صدرت باسم اللجنة الفرنسية للتحرير الوطني وحظيت بمساندة المجلس الاستشاري وجميع الأحزاب المشاركة في المقاومة بما في ذلك الحزب الشيوعي الفرنسي الذي صرح ممثله قائلاً: "إن الجمهورية الفرنسية، الميتروبول وما وراء البحار، واحدة ولا تتجزأ" (18).
نام کتاب : تاريخ الجزائر المعاصر نویسنده : الزبيري، محمد العربي جلد : 1 صفحه : 44