نام کتاب : تاريخ الجزائر في القديم والحديث نویسنده : الميلي، مبارك جلد : 1 صفحه : 75
المغيبات، ثم طرأ عليها الجهل- ظهر فيها من الدجاجلة من لهم اغراض شخصية يعملون لتحصيلها باسم الدين والدين هداية عامة لا آلة يستخدمها اصحاب الغايات الذميمة لبلوغ غاياتهم. لا جرم اضطر كل دجال من البشر في أي عصر الى تحريف الدين بالغلو احيانا والابتداع تارة. واذ ذاك يغرس اشجار الوثنية في تربة الجهل الثرية، تسقيها تلك الأمة الجاهلة بخيالاتها واوهامها حتى تعظم وتنتشر فتحجب شمس الدين الصحيح وتغطي بدور العقول النيرة.
وفي ظلام هذه الاشجار الحالك تعيش الأمة عيشة وثنية: لا هي من الانعام عديمة الشعور بغير حاجتها الى ما يحفظ حياتها الاولى، ولا هي من البشر تحكم العقل وتتقاضى اليه فيما تأتيه من ضروب الاعمال. {أولئك كالأنعام بل هم أضل سبيلا} (*).
أما الديانة التي عرفها الاثريون لقدماء الجزائر فهي عبادة الشمس والقمر (وهما من معبودات المصريين)، وعبادة بعض الحيوانات منها القرد والثور والكبش والتيس. وجد بجبل بني راشد تمثال يدعى "أتون" كانوا يتخذونه الهاً وهو صورة تيس على رأسه دائرة الشمس.
وكانوا يعظمون الحيون والاشجار والجبال، ويحترمون الاموات يشيدون لهم قبورا ضخمة.
وقد وقع شعبنا فيما يقرب من هذه الوثنية "والتاريخ يعيد نفسه" فمن آثار عبادتهم للشمس ان الولد حينما يثغر وتسقط سنه يرمي بها الى الشمس، ويقول لها في بعض الجهات الشمالية "أعطيتك فضة أعطني ذهب" وفي بعض الجهات الجنوبية: "أعطيتك سن حمار أعطيني سن غزال".
ومن تعظيمهم لبعض العيون انهم يتبركون بمياهها ويستشفون بالشرب منها ويرجون منها النسل ويقربون لها القرابين الدجاجية.
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هكذا في المطبوع، وليست الآية الكريمة هكذا، بل:
{أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} [الأعراف: 179]
{إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} [الفرقان: 44]
نام کتاب : تاريخ الجزائر في القديم والحديث نویسنده : الميلي، مبارك جلد : 1 صفحه : 75