نام کتاب : تاريخ شبه الجزيرة العربية في عصورها القديمة نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 168
وذكر الكاتب البيزنطي نونوسوس ما أسلفناه من قبل من أن القيصر أناستاسيوس أرسل وفدًا برئاسة جده إلى الحارث ملك كندة ومعد بعد أن تعددت إغارات ولده معد يكرب على حدود فلسطين. كما أرسل القيصر يوستينيايوس وفدًا برئاسة أبيه أبراهام ليقابل قيسًا حفيد الحارث، ولعله بن معد يكرب، ليعقد حلفًا معه، فقابله وأخذ منه ولده معاوية إلى القسطنطينية كرهينة على وفاته. ثم كلف القيصر نونوسوس نفسه بأن يدعو قيسًا الكندي إلى القسطنطينية فاصطحبه معه إليها ثم أرجعه إلى بلده بعد أن أقره على ولاية جزء من فلسطين. وليس قيس هذا بطبيعة الحال هو امرؤ القيس الشاعر الذي ذكر المؤرخون وفاته بحسرته قبل أن تتحقق أمنيته بالعودة إلى بلده معززًا مكرمًا. وإن افترض بعض الباحثين احتمال صحبته لقيس هذا وهو من أبناء عمومته في رحلته وعودته معه وإن اهتم الرواة المسلمون بقصته هو وتناسوا ابن عمه.
أسلفنا أن ثمة ضوءًا جديدًا ألقته النصوص السبأية الحميرية المكتشفة حديثًا على بداية تاريخ كندة، وأن ما أضافته هو الرجوع بهذا التاريخ إلى أبعد مما ذهب به المؤرخون المسلمون وإلى ما حول ميلاد المسيح عليه السلام، وأن كندة ارتبطت في نشأتها بالعرب الشماليين أكثر مما ارتبطت بالعرب الجنوبيين على عكس ما رواه أغلب المؤرخين المسلمين، وأن الجنوبيين كانوا ينطقون اسمها كدة بدال مشددة مما قد يعني أن اسمها لم يكن من أسمائهم فحرفوه.
ويرجع أقدم هذه النصوص إلى عهد شعر أوتر ملك سبأ وذوريدان في أواخر القرن الميلادي الثاني، وهو ملك عمل أن يجمع شمل المناطق العربية الجنوبية وأن يقضي شبهة النفوذ الحبشي عن ساحل تهامة كما ذكرنا في سياق الفصل العاشر. فتعددت معارك جيوشه في حضرموت وفي ردمان وعلى ساحل تهامة الجنوبي وفي نجران.
ومن نجران اتجهت قواته إلى قرية ذات كاهل ولعلها كانت قريبة من الفاو الحالية ونسبت إلى معبودها كاهل، وحاربت ربيعة ذو آل ثور مالك كدة وقحطان وهو ملك قد ينتمي إليه معاوية بن ربيعة ملك قحطان ومذحج الذى ذكره نص من قرية الفاو أيضًا.
وكان الرحالة بليني قد ذكر في أوائل القرن الأول الميلادي منطقة آل ثور هذه مع ملاحظة أن المؤرخين المسلمين قد ردوا نسب ملوك كندة إلى ثور فعلًا واعتبروه رجلًا، وقد يكون معبودًا قديمًا عبدوه.
نام کتاب : تاريخ شبه الجزيرة العربية في عصورها القديمة نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 168